لا تنشر هنا

اَلصَّحْوَةُ الثَّقافيَّةُ…تلك السُّلطةُ المُزْعجةُ

عبدالصمد خشيع

بعض العقليات المتحجرة والمتنفذة في مركز القرار المركزي او الجهوي أو حتى الإقليمي، لاتكاد تفارق حسا سلبيا يؤرقها ويبعثها على التشاؤم والحرص لمجرد أن تعرض عليها قضية من القضايا الثقافية بكل أبعادها الفكرية والإبداعية والاستعراضية والجمالية والفنية…الى ان وصل بها الامر ان لا تفكر في حلول لأدوات الأزمة ومعطياتها، فتنجرف إلى ضرب الطوق على المثقف والمثقفين وحصارهم بكل الوسائل وكأن الدولة تواجه معركة المثقف لا معركة الأمي، وكأن النظام يتهدده العلم ولا يتهدده الجهل الذي يولد التطرف والغلو والانحراف الإجرامي والداعشية.

لذلك أصبحت السلطة الوصية على ماهو ثقافي في الشق المالي أشبه بإشارة حمراء، حينما تفاجىء السائق وتضطره إلى تخفيف السرعة أو التوقف النهائي، بحيث يعود محرك السيارة (الثقافية ) إلى نقطة الصفر بعد أن كان في ذروة اشتغاله واندفاعه، ذلك أن الحس الثقافي في إقليم خريبكة يحتاج لوحده إلى مؤسسة قائمة الذات او بتعبير اوضح الى حس جهوي قادر على رصد مالية في مستوى تلك التظاهرات الثقافية التي تزخر بها المدينة تحديدا، اذ من العار والعيب ان نتعامل مع بعض المهرجانات الناجحة بنوع من اللامبالاة ، مع انهم يشكلون تعويضا للفراغ السياسي والإجتماعي الذي تتحمل الدولة وجوده، طالما أن المثقف بإقليم خريبكة يستطيع أن يقدم لنا ماهو جدير بالإصغاء.

الإيحاء الماكر الذي كان يسود الأوساط السياسية منذ سنين عديدة، والذي كان يضع المثقف في خانة الفاشل أو المتكلم المجاني أو الفقير، لم يتغير الآن، وانتقل من مستوى الإزدراء والسخرية إلى مستوى أعمق، وهو ترديد الشعارات المستحيلة، وخلق تعددية ثقافية هجينة لاتؤمن بالجودة ولابالفكر ولا بالموضوع ولا بكل الأبعاد المتحكمة في كل مجالات الابداع على اختلاف أنماطها بقدر ما تؤمن بإذكاء ثقافة البهرجة والغوغائية، حتى أضحى الكل يؤمن بقدرته على خلق مشهد ثقافي أو حدث عابر يمكن أن يتحقق معه التعايش الثقافي ٠

مدينة خريبكة نجزم بشكل كبير بأنها تعيش صحوة جميلة في نشر تعدد ثقافي كبير ٠لايمكن لمدينة اخرى ان تجاريه او تواكب حماسه الذي يزيد من حرارته ، رغم المثبطات التي تعتريها ورغم التهميش الذي تبديه كثير من المؤسسات للتخلص منها ، ولكن مع ذلك يظل منطق التحدي هو سيد الموقف ، الى ان اصبحت كل مهرجانات خريبكة الفنية والابداعية والثقافية والمسرحية والسينمائية مكسبا مزعجا اشبه بسلطة جديدة لايمكن التخلي عنها، ولو ادى الامر الى بيع ممتلكات المنظمين وحاجياتهم ٠

كل المهرجانات التي نظمت بخريبكة ، قد برهنت بما يكفي عن قبولها بالآخر، الذي يعمق من تهميشها ولا يدافع عنها في مرافعات الدعم إذا تعلق الأمر بالمصاريف المطلوبة لإنجاحها، إنه السياسي الفاشل، والمسؤول الفاشل والمؤسسات الفاشلة التي يستهويها الجلوس على الكراسي الجلدية، ولكن عاجزة حتى عن نفض غبار عن رمز من رموز الدولة بكل أشكالها، ولكنها تمارس في نفس الوقت سلبية قاتلة على المثقف وتتركه وحيدا يكابد عناء الإعداد اللوجستيكي والمالي والتنظيمي، وكأن المثقف يهييء مشهدا خارج أسوار المدينة لا يعني المسؤول المحترم في شيء، سوى الازعاج أو ما يسمى باللغة العامية (التبرزيط ) فمتى تتحول كل مهرجانات خريبكة المشرفة الى سلطة مزعجة بكل المقاييس في أفق أن تنفث الغبار عن مدينة الغبار؟؟٠

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. المتقف العضوي او الانتليجنسي هو الذي اصبح في مرمى سهام المسؤولين عن الشأن الثقافي بهذا الاقليم البئيس ثقافيا ،حيث انعدم الدعم المادي لبعض المهرجانات الثقافية كما هو الشأن بمدينة وادي زم ،حيث تم تاجيل مهرجان للفيلم القصير من تنظيم شباب طموح يحاوا قدر الامكان جر شباب اخر نحو جبة الثقافة وابعاده عن غياهب التعاطي لامور تضر به ،كما تم اهمال محاولة او مبادرة قام بها السنة الماضية الفنان صلاح الهليل وهي تنظيم مهرجان الفيلم التنموى ولم يدعم ملتقى السينما والتاريخ في نسخته الاولى تحت شعار السينما في خدمة القضايا الوطنية وملتقيات وندوات ثقافية لا تلقى الاهتمام الواجب من قبل المسؤولين عن الشأن الثقافي بالاقليم مما يحدث اجحافا وتذمرا لدى المثقفين بل حتى مناسبات تقديم اصدارات جديدة او حفل توقيع كتب شعرية او امسيات شعرية تبقى اخر ما يهتم به المسؤول الثقافي وهذا المقال يضع الاصبع على مكامن الداء ويلفت النظر الى ضرورة اعادة ترتيب الاهتمام بالاولويات وخاصة الاهتمام بالثقافي الهادف ودحر ما يذهب جفاء وترصد له اموال الشعب والنتيجة بيضاء استفاد منها اشباه المثقفين ورحلوا من حيث اتوا خارج الاقليم ونتمنى صادقين ان يعود الاعتبار الى الشأن الثقافي كما في السبعينات وتصبحون على وطن

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المثمر
زر الذهاب إلى الأعلى