حول العالم

الجزائر : إنه الزلزال ….

سعيد خطيبي

صوت واحد خرج يصدح في الشّوارع: لا للعهدة الخامسة. انتهى زمن الخوف وناب عنه زمن الغضب. لم يعد الجمعة يوماً مفرداً للعبادة فقط، بل صار يوماً نتعلّم منه أن حبل الباطل قصير.

تراجع الدّاعمون للاستمرارية المزّيفة، ولم يجدوا كلمات يقولونها، توارت صورهم وابتلعوا ألسنتهم، كي يتسع المجال للوعي، ويصير الرّفض لغة مشتركة، وينتفض الصّامتون، الذين قبلوا كل شيء، فيما مضى، لكنهم لن يستمروا على ذلك الحال، ولن يقبلوا الذّل.

هل وصلت الرّسالة إلى المرادية؟ هل فهموا أن بقاءهم لن ينفع سوى في رفع حدّة الغضب منهم؟ هل فهموا أن الوصاية انتهت وأن رحيلهم سيكون سبباً في حلّ كثير من المعضلات؟

لقد خرج النّاس إلى الشّوارع وأدركوا أن الخوف حالة طارئة، إنه استثناء، بينما القاعدة هي التّحرك وأن الحاكم هو من يخاف من المحكوم وليس العكس.

لقد تفتّحت البصائر، والتّجمهر لم يعد مرادفات للفوضى، بل عنواناً للسّلمية، وأن قمقم الفوضى لا يجدي لتخويف المتظاهرين، وأن الشّباب اليوم في غالبيتهم جمهوريين، يدافعون عن الجمهورية، لا صلة لهم بوهم الإسلاموية ولا يرفعون شعاراتها. إن 22 فيفري. فبراير  هو بداية تقويم جديد، هو لحظة الانفجار الواعي، وقطع حبل التّرهيب، إنه يوم سيؤرخ لما سيأتي من بعده.

صخرة انتصبت اليوم، في السّاحات والميادين، ستسد الطّريق وتمنع مرور ما لا يرغب فيه الشّعب. لن يقبلوا عهدة خامسة، بعدما أدركوا أن النّظام قد شاخ، وأنه حان الوقت ليرحل ويترك البلد لأهله، فهم أدرى بما يفعلون وما يريدون، هم أعرف بمصلحتهم ولا يحتاجون أوامر من أشخاص لا يثقون فيهم.

هل ما يزال لهذا النّظام أسلحة أخرى كي يقنع النّاس بما لا يرغبون فيه؟ لقد أقرّت وكالة الأنباء الرّسمية، التي عوّدتنا بنقل رسائل الرّئيس، أقرّت بالهزيمة المعنوية، وكتبت في تقرير لها: “وسط حضور أمني مكثف، تنقل المتظاهرون مباشرة بعد صلاة الجمعة حاملين أعلام وطنية ولافتات (…) مطالبين الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بالعدول عن الترشح لعهدة جديدة”.

إنّ أهم خطوة يمكن للنّظام الحالي أن يقوم بها هو أن يسمع صوت الشّارع، وأن لا يُعاند، أن يوقف العهدة الخامسة اليوم، ويكسب معركة الشّرف، أن يحفظ ما بقي له من ماء الوجه، ويتراجع عن مساعيه حباً في الجزائر. لقد أوصل لهم آلاف الشّباب تلك الرّسالة: هل سمعوها الآن؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المثمر
زر الذهاب إلى الأعلى