لا تنشر هنا

جريمة فاس٠٠٠الأسباب والتداعيات

عبدالصمد خشيع-جديد24

لايشكل اختطاف شاب واستدراجه واحتجازه مقابل أداء فدية مالية، ثم قتله بحزام جلدي، في واضحة النهار وفي مدينة تعرف بين الفينة والأخرى انفلاتا أمنيا مكشوفا، استغرابا يبعث على الدهشة والتساؤل، ولكن الملفت للانتباه في هذه الجريمة النكراء التي اهتز لها الراي العام، هو سن الجناة الذي لايتعدى 18 سنة، والجرأة في التخطيط والتنفيذ بكل ثقة، وكأننا أمام حالة من الحالات، التي تكلم عنها عالم الإجرام -سيزار لومبروزو -عندما تحدث عن المجرم بالفطرة وفق نظريته التي كنا نناقشها في مدرجات كلية الحقوق، قياسا على باقي النظريات العلمية، التي أكدت عكس ما حملته نظرية لومبروزو، أي أن الإنسان بريء بطبيعته والبراءة أصل أصيل للإنسان، وأن بيئة المجتمع هي التي تساهم في الانحراف والجريمة ٠

الآن، وفي ظل تطور الجريمة وتناميها في كل الأوساط، تطالعنا جرائم يرتكبها أطفال من مواليد سنة 2000 أو 2001، بشكل محكم وبدوافع خطيرة، وبواعث مكشوفة وواضحة، وهو أمر يكشف بالملموس أن المقاربة الأمنية المعتمدة ومعها القضائية طبعا لم تنجح في كبح الإجرام في كثير من المحطات، أو على العكس أن سياسة العقاب الذي تنهجها الدولة إلى حينه لم تحقق الردع والإدماج المطلوبين في كل الأحوال، قياسا على المجتمع الغربي الذي استطاع من خلال سياسة العقاب أن يكلل مجهودات مؤسساته بتهذيب سلوك الجناة سواء كانوا جانحين أو رشداء ٠

مدينة فاس ٠٠المدينة العلمية..مدينة العروبة والثقافة، لم تستطع للأسف أن تتخلص من بعبع الجريمة أو تتغلب على كل التراكمات السلبية المتداخلة التي جعلتها سهلة المنال للظاهرة الإجرامية، بين سرقة واختطاف وقتل واعتراض سبيل المارة واعتداء على المواطنين في واضحة النهار، حتى أضحت فضاء مؤهلا لكل السيناريوهات الإجرامية، التي تفزع منها البشرية وتأباها النفس الأبية وتمجُّها الأخلاق والقيم، التي تربى عليها أهل فاس الكرام، لكن عامل الهجرة وتراخي الأجهزة الأمنية في تطويق الجريمة زاد من تفاقم الجريمة بشكل ملحوظ ومرفوض في نفس الوقت، وإذا تسنى لأي باحث سوسيولوجي في استكناهِ الأسباب التي تحكمت في اختطاف شاب بريء، وطلب فدية مقابل حياته من طرف شباب في عمر الزهور، سيصاب بالذهول والحيرة لمجرد أن يكتشف أن السبب هو استهلاك المخدرات الصلبة التي كادت أن تغزو كل البيوت وتفتك بأبنائها، وتجعلهم يصابون بهستيريا لا تؤمن بأي شيء ولاتحترم حتى أولياء أمورهم، فأحرى أن تراعي حرمة الناس وحياتهم وأمنهم.

ماتعيشه مدينة فاس من اختلال على مستوى المقاربة الامنية يتطلب إعادة انتشار جديد لرجال الأمن، وتنزيل خطة مختلفة تحاكي مقاربة القضاء على التطرف والارهاب التي يتم إجهاضه في مهده بخبرة واقتدار كما يشهد بذلك العالم كله، وذلك لتفادي تكرار المآسي التي تحطم الاسر وتخرب المجتمع، وتجعل أصابع الاتهام موجهة إلى الدولة أساسا، التي يقع عليها حماية مواطنيها بكل وسائل الردع الممكنة٠

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المثمر
زر الذهاب إلى الأعلى