لا تنشر هنا

أزمة التعليم بالمغرب… مداخل الإصلاح ومتاريس الإفساد..!

جديد24- ذ: الجيلالي الأخضر

قبل الغوص في المطلوب وإماطة اللثام عن المسكوت عنه في تعليمنا الوطني، لابد أن نقدم التساؤلات التالية كجلد للذات، ونقول:
هل نحن أمام نظام تعليمي وطني فاشل؟؟ إذا كان الجواب بنعم _كما يروج على لسان الجميع فلماذا فشلت كل الإصلاحات التي طالت سفينتنا التعليمية منذ عقود، وظلت تتقاذفها الأمواج العاتية في كل جانب ومن كل جانب في الآن نفسه؟؟
وهل أصل المشكلة يعود لربابنتها ممن تناوبوا على قمرة قيادتها أم لمستخدميها ومن عهد إليهم إمدادها بوقود الإبحار والصيانة، أم في ركابها الذين يحاربون كل محاولة جدية للإصلاح، أم الخلل في دليل ونظام اشتغالها الذي صمم وعهد إليه جرها لشط الأمان؟؟
لقد عرف نظامنا التعليمي الوطني عدة إصلاحات واصلاحات، كلها باءت بالفشل، بل الأدهى والأمر هو أننا أصبحنا نَحِنُّ لحقبة السابق عوض اللاحق، وكأن عقارب ساعتنا التعليمية تسير معكوسة، أو أن أرحام نسائنا عجزت عن ولادة ربابنة مهرة تجنب سفينة التايتانيك هاته مصيبة وهول الاصطدام بجبل الجليد.
إن مصيبتنا التعليمية ليست في كل ما ذكر يا سادة، فلا الربابنة بمقدورهم الإبحار بها بأمان، مهما تمهروا وتمرسوا في القيادة، ولا بيداغوجيات وطرائق التدريس، وإن تنوعت وتجددت قادرة على تزويدها بروح العطاء والابتكار، بل ولا الميزانيات التي ترصد قادرة على بعثها من رماد النار التي خبت وانطفأت، وإعادة وهجها، كتوهج شعلات الأنظمة التعليمية الأخرى، والتي كانت الى عهد قريب أسفل منا في سلم الترتيب والابتكار والعطاء..
إن مشكلتنا التعليمية هي مشكلة بنيوية يتداخل فيها البعد السيكولوجي والسوسيولوجي و الصراع السياسوي الرافض لكل جديد، المتوجس من كل عملية إصلاح، ظنا منه أنه إصلاح عليه لا له، كمن يحسب كل صيحة عليه، عقليات ترفض التجديد والتجريب، تحت يافطات وذرائع متعددة؛ كذريعة مس المكتسبات، والخوف من بيع المدرسة المغربية وكأن الأمر يتعلق ببيع خم دجاج وتارة تحت مبررات هوياتية بالية كما هو حال فوبيا لغة التدريس التي ما إن تفتح حتى يصاب أصحابها بسعار و داء الكّلَب، وكأن خوفنا هذا، نابع من فقدان ريادة، أو مس وعبث بتجربة رائدة تستحق العناية والاهتمام؛ لما حققته من علو الكعب اقتصاديا ومعرفيا وانسانيا أمام نظرائها..
إن تعليمنا تعليم مهزوم، جريح، طريح الفراش، وبالكاد يصدر الشهيق والزفير؛ فكان والحالة هاته؛ إما أن نتخلى عن عقدة دع الحال على حاله، من باب أن المساس به خيانة توجب اللعنة، وإما أن نساير إطعامه بجرعات سيروم تبقيه حيا سريريا، لا حركيا بالحجج البالية التي سلف ذكرها.
إن اول مداخل الإصلاح من منظورنا؛ هي التحلي والتخلي عن كل أنماط حياته السابقة ولو بشكل نسبي وبتدرج، بدءا من كيفية التوظيف التقليدي الذي أنتجت لنا آلات يصيبها الصدء عند أول سنة من اشتغالها، وينعدم عطاؤها بمجرد تموقعها في مكانها، وخلوها من عملية التشحيم وإعادة الصقل، مرورا بتجديد المناهج بكل جرأة، بعيدا عن العاطفة الزائدة والهوية المصطنعة التي ترهن الأجيال لتجعلهم مسلوبي الفكر والإرادة، تجديد يساير العلوم والابتكار لغزو سوق الشغل صناعة لا استهلاكا..
يضاف الى هذه الأثافي، أثفية خلق المبادرة والتشجيع وإعادة النظر في طريقة الترقي المتجاوزة، فلا اصلاح إلا بسياسة العصا والجزرة، لتحرر المبادرات ويسرح من يشكل عبئا وحجر عثرة تقدم المنظومة، وبذلك يكون استلهام نموذج “الكفاءة والمكافأة” الذي تقدمت به أنظمة تعليمية متعددة؛ خير سبيل لتحقيق التقدم وإعادة البعث من جديد، بدل وضع المتاريس الإبستمولوجية، وترويج أطروحات المؤامرة، ووهم الهوية، وغيرها من المعزوفات التي عرقلت عمليات الإصلاح وأخرته لعقود طويلة، وركنته في زاوية مظلمة تحت تصفيقات شعبية مغشوشة مزيفة تملئ الشوارع ضجيجا وجعجعة من غير طحين؛ تخوفات أطالت عمر الأزمة لحسابات ضيقة آنية، وضحت بمستقبل الأجيال اللاحقة والتي لا نجانب الصواب إن قلنا أن جيلنا واحد منها..!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المثمر
زر الذهاب إلى الأعلى