لا تنشر هنا

السياسة بين الأمس واليوم

عصام أمكار

كثيرة هي الأحداث المتسارعة التي تمر أمامنا دون أن نحس بها أو نعيرها اهتمام، والمجتمع المغربي منذ سنة 1956 وهو يعيش ديناميات متجددة رغم المٱسي والٱلام والدموع في لحظة فاصلة من تاريخ المغرب، هذا البلد الحاضن لنا جميعا بكل خصوصياته.

وحين نسلط الضوء على الدينامية والحركية المجتمعية فلا بد من ربطها بما هو سياسي، وحين نتحدث عن السياسة فنحن نحال مباشرة على تدبير الشأن العام سواء داخل الحكومة أو المجالس المنتخبة سواء كانت حضرية أو قروية .

والمعروف أن لتدبير الشأن العام أو للدخول إلى حكومة ما أو حتى قيادتها لا بد لنا من المرور لعمليتين أساسيتين، الانخراط في الأحزاب السياسية بعد ذلك الانتقال للعملية الانتخابية والتي تفضي لفرز نخبة معينة تقود المرحلة حسب الظرفية .

لا يمكن لأحد أن ينكر بأن المغرب أنجب سياسيين كبار تركوا بصمتهم داخل المشهد السياسي المعاصر من قبيل المهدي بن بركة وعبد الله ابراهيم وعلال الفاسي وعمر بنجلون، علي يعتا، محمد بنعمر، محمد بنجلون، وعبد الحفيظ القادري ………، وكل واحد من هؤلاء ساهم من موقعه في بناء المغرب رغم الاحتكاك في بعض الأحيان مع الإدارة المغربية .

الصراع والاختلاف والمواجهة والاحتكاك والمهادنة والتفاوض والحوار كلها مفاهيم تدخل في بنية الدولة وتسكنها وتتنفس بها، لأن لولاها لما بقي المغرب متماسكا وموحدا شعبا وأمة رغم بعض التجاوزات التي حصلت في وقت من الأوقات .

بعد تقلد جلالة الملك محمد السادس للعرش تغيرت معالم كثيرة في الدولة فتم التخلي عن رموز التسلط والتحكم وجيء بفريق عمل جديد ليعمل لجانب العاهل الجديد ويساعده في مهامه، وبالمقابل تم العمل على إشراك كل الفاعلين السياسيين الٱخرين فجاءت هيئة الإنصاف والمصالحة التي فتحت الباب لجيل مخضرم من السياسيين ضحوا بالغالي والنفيس من أجل القيم والمبادئ ومصلحة الشعب، للتصالح مع الدولة والإدارة المغربية .

طيلة سبع سنوات الأخيرة ونحن نعيش ردة سياسية ومؤسساتية بسبب العبثية في التسيير والانفرادية في اتخاذ القرارات والمزاجية في بعض الأحيان، فشتان بين شخصيات الأمس الذين ضحوا بكل ما يملكون من أجل الشعب ففي عهدهم كانت المدرسة مشتلا للحركة التلاميذية والجامعة منبعا للفصائل الطلابية التي أنجبت خيرة الأطر الوطنية التي تركت بصمتها وبين من يعتبرون أنفسهم اليوم ٱخر أولياء الله الصالحين وبدونهم الوطن لن يكون، وكأن لا تاريخ للمغاربة ولا ذاكرة مشتركة تجمعنا.

إيماننا عميق بالديمقراطية في المغرب، لكن لكل شيء ثمن، والثمن الذي نؤديه اليوم هو أن من يسيرون شؤون المغاربة يقودون البلد للهاوية إن لم أقل يتجهون بها للسكتة القلبية، فكل شيء متوقف حاليا، الاستثمار، عجلة الاقتصاد، خلق فرص الشغل …..، في انتظار تدخل الدولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه فإن “حزب العدالة والتنمية” وقع في نفس الأخطاء أو العيوب التي كان ينتقدها، ومن ذلك فأنه أصبح تلميذا نجيبا ومطيعا لصندوق النقد الدولي ، ونسي هموم الشعب ومشاكله واحتياجاته وانشغل في البحث عن الامتيازات والنفوذ .

يحكى أن ملكا كان يعشق الصيد في الغابات وكان له وزير يقرأ الطقس، جاء يوم أراد فيه الملك اصطحاب أسرته في الرحلة فأكد الوزير سلامة الأجواء بل روعتها، وما إن توغل الموكب الملكي في الغابة حتى انقلب الجو فجأة إلى ماطر وعاصف، سقطت النساء في الطين وغضب الملك، وفي طريق العودة لمحوا كوخا يتصاعد منه الدخان، طرقوا بابه فخرج منه حطاب سأله الملك، لماذا لم تخرج اليوم لجمع الحطب؟ أجاب : “كنت أعرف أن الطقس اليوم مضطرب ولم أخرج ، وكيف عرفت ذلك سأله الملك، أجاب الحطاب من حماري هذا أنظر إلى أذنيه عندما أصبح فإن وجدتهما واقفتين عرفت أن الطقس غائم وماطر، وإن كانتا نازلتين فالجو مناسب للاحتطاب، نظر الملك إلى وزيره وإلى الحمار أبلغ الأول بطرده من البلاط الملكي وأصدر مرسوما يقضي بتعيين الثاني وزيرا للطقس، ومنذ ذلك الحين صارت الحمير تتقلد الوزارات والمسؤوليات الرفيعة .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المثمر
زر الذهاب إلى الأعلى