قال مُحلّل الشؤون العسكريّة في موقع (YNET)، الإخباريّ-العبريّ، رون بن يشاي، نقلاً عن محافل أمنيّةٍ واسعة الاطلاع في تل أبيب، قال إنّ ما يزعج الكرملين هو عدم قدرة روسيا على السيطرة الإستراتيجية في سورية وتحقيق الأرباح الاقتصادية من إعادة إعمار الدولة المدمرة (حقوق استغلال النفط، والفوسفات وإعادة إعمار البنية التحتية للمياه، والكهرباء والمساكن)، على حدّ تعبيره.
وتابع بن يشاي، المُقرَّب جدًا من المؤسسة الأمنيّة في الكيان، تابع قائلاً إنّه حاليًا تجري عمليتان للتسوية في سورية: الأولى في جنيف برعاية الأمم المتحدة، تشارك فيها دول أوروبية وعربية وآسيوية وطبعاً الولايات المتحدة؛ والأُخرى في أستانة في كازاخستان، التي بادرت إليها روسيا وتقودها وتشارك فيها إيران وسورية من دون الولايات المتحدة. والعمليتان مجمدتان لأسباب كثيرة متعددة ولا أمل بأن تثمرا نتائج، لذلك بادرت روسيا إلى إطلاق مبادرة ثالثة – تلتف على طاولات المفاوضات – تحاول من خلالها التوصل إلى النتيجة التي ترغبها. ومن المفترض أن يحدث ذلك بطريقة زاحفة- التوصل إلى اتفاقات مناطقية جزئية مع كل الأطراف المحلية والخارجية التي تربطها علاقة بالقتال في سورية، إلى أن يتمكن الأسد من بسط سيطرته على سورية كلها، كما أكّدت المصادر.
في الوقت عينه، تابع بن يشاي، نقلاً عن المصادر نفسها، تواصل القوات التابعة للحرس الثوريّ الإيرانيّ محاولة التمركز في سورية لإقامة جبهة ضد إسرائيل بالإضافة إلى الجبهة التي يقيمها حزب الله في لبنان، لافتًا إلى أنّ الهجمات الإسرائيليّة والردود عليها من جانب الإيرانيين وجيش الأسد، من المحتمل في تقدير الروس أنْ تؤدي إلى نشوب حرب بين إسرائيل وسورية تنهي كل مساعي التسوية التي يعملون عليها.
وشدّدّ المُحلّل على أنّ رئيس الوزراء الإسرائيليّ، بنيامين نتنياهو، والمؤسسة الأمنيّة بتل أبيب يُوافِقان من حيث المبدأ على مطالب الروس، لكنّهما يطالبان في مقابل الامتناع من التدخل عسكريًا بأنْ يُخرج الروس الإيرانيين والتنظيمات الدائرة في فلكهم من سورية، وألّا يستفز الأسد إسرائيل.
وأردفت المصادر، التي اعتمد عليها بن يشاي، أردفت قائلةً إنّه ليست هذه نهاية طلبات بوتين، فإسرائيل تملك رصيدًا آخر يريد الروس استغلاله، وهو نفوذ نتنياهو لدى ترامب، حيثُ يأمل بوتين ليس فقط بأنْ يعطي الأمريكيون ضوءًا أخضر للسعوديين لتمويل إعادة إعمار سورية، بل هو يريد أيضًا أنْ يسحب ترامب قواته من شرق الفرات والسماح للأسد باستعادة المنطقة، وأيضًا الجيب الصغير في منطقة التنف، بالقرب من مثلث الحدود مع العراق والأردن وسورية الذي يحتفظ فيه الأمريكيون والبريطانيون بقاعدة جوية هي بمثابة شوكة في حلق السوريين والإيرانيين، على الطريق الأساسي من العراق إلى دمشق ولبنان.
وأشار المُحلّل الإسرائيليّ في مقاله، الذي نقلته إلى العربيّة (المؤسسة الفلسطينيّة للدراسات) ومقرّها بيروت، أشار إلى أنّه بحسب التقديرات والمؤشرات التي تجمعت في تل أبيب، يعتقد بوتين أن نتنياهو قادر على إقناع ترامب بقبول صفقة يستفيد منها كل الأطراف، زاعمًا أنّ الرئيس الروسيّ اقترح اجتماع المستشارين الأمنيين لروسيا وإسرائيل والولايات المتحدة للتوصل إلى صيغة حلٍّ جزئيٍّ هذه هي مكوناته الأساسية: تعترف الولايات المتحدة بشرعية نظام الأسد، وتخلي مواقعها في سورية وتسمح للسعوديين بتمويل إعادة إعمار سورية والمشاركة فيها، وربمّا تشارك في ذلك هي بنفسها، وبذلك تضع حدًا للحرب، ولموجات اللاجئين التي تتوجه إلى أوروبا وشتى أنحاء العالم، ويدير جيش الأسد وسلاح الجو الروسيّ الحرب ضد داعش والمتطرفين الإسلاميين في المنطقة التي ستخليها الولايات المتحدة ويحلان محلها ومحل قوات قسد، وفقًا للمصادر الأمنيّة الرفيعة في تل أبيب.
عُلاوةً على ذلك، لفتت المصادر إلى أنّ إسرائيل تُبدي ضبطًا للنفس وتمتنع من الهجوم على مواقع إيرانية عسكرية في سورية، ما دامت لا تشكل خطرًا مباشرًا عليها ولا تقع بالقرب من الحدود، وفي المقابل تتعهد روسيا بإبعاد الإيرانيين إلى شمال سورية وبمنع الوجود الإيراني أوْ وجود الميليشيات الشيعية وحزب الله العاملين تحت إمرة الإيرانيين إلى مسافة 100 كيلومتر على الأقل شرقي الحدود في الجولان، وبعدم وجود إيران والتنظيمات الدائرة في فلكها في منطقة دمشق أيضاً، وتتعهد الشرطة العسكرية الروسية بتنفيذ ذلك.
وخلُص إلى القول إنّه في هذه الأثناء، لا تزال نتائج الاجتماع الأمنيّ الثلاثي، روسيا إسرائيل وأمريكا، غير معروفة، ويمكن الافتراض أنّ الأمريكيين لن يسارعوا إلى الموافقة، كي لا يسمحوا للإيرانيين بإقامة ممر بري من طهران إلى لبنان، وفقًا للمُحلِّل ومصادره.