أخبار وطنيةجديد24سلايدر

تمارة ليست امارة سلفية

د علال البصراوي- رئيس حركة الخيار  الثالث

فوجئ الراي العام الوطني بما قام به المجلس الجماعي لمدينة تمارة من تسمية عدد من فضاءات المدينة باسماء مشرقية: ابو بكرة،تركي الغامدي،احمد القرني،احمد الحواش، حفيظ الدوسري،حسين الشامر،الاقرع بن حابس.. وغيرهم كثير.ماجعل هذه المدينة تبدو -من هذه الناحية-كانها ليست مدينة مغربية، مع انها توجد وسط البلاد،بل ومحاديةللعاصمة وكانت حتى وقت قريب جزءا منها.
وعند البحث في الاشخاص المحتفى بهم باطلاق اسمائهم على فضاءات عامة بهذه المدينة، تبين انهم دعاة وقراء…جلهم غير معروفين لدى عامة المغاربة الذي هم اساسا المستهدفين بتسميات الشوارع والساحات وغيرها.
وتثير هذه الواقعة عددا من الملاحظات والافكار نعرض لها فيما يلي
ان مسالة تسمية الفضاءات العمومية وما ينتج عنها من جدل واختلاف وحتى صراع، ليس امرا جديدا، بل هو قديم، وكان دائما مهما، بالنظر الى الحمولة الثقافية التي يحملها كل اسم، والتي يسعى من يحاول اطلاقه على فضاء عمومي الى تمريره كخطاب للمجتمع وللاجيال المقبلة.ولهذا كانت فرنسا قد اتخذت من بين قراراتها الاولى، عندما استعمرت المغرب، تسمية عدد من الشوارع والساحات باسماء مفكريها وسياسييها وعسكرييها في اهم المدن المغربية. وردت الحركة الوطنية على ماقامت به فرنسا باطلاق اسماء وطنية. بل ان الشعب نفسه كان ولازال يطلق اسماءه الخاصة والشعبية البديلة عن الاسماء الرسمية حين لاتعجبه.
ونظرا لاهمية الموضوع فان المشرع حاول تنظيمه.
وهكذا نصت المادة 92 من القانون التنظيمي14-113 المتعلق بالجماعات على ان مجلس الجماعة يفصل بمداولاته في القضايا التي تدخل في اختصاصات الجماعة. وذكر من بينها:تسمية الساحات والطرق العمومية.
ونصت المادة 118من نفس القانون على ان لاتكون مقررات المجلس الثالية قابلة للتنفيذ الا بعد التاشير عليها من قبل عامل العمالة او الاقليم او من ينوب عنه داخل اجل عشرين يوما من تاريخ التوصل بها من رئيس المجلس.وذكر من بين تلك المقررات المقرر المتعلق بتسمية الساحات والطرق العمومية عندما تكون هذه التسمية تشريفا عموميا اوتذكيرا بحدث تاريخي.
ولمزيد من الضبط والتقنين صدر مرسوم ثالث يوليوز1917 بتحديد مضمون نظام العنونة. ونصت مادته الخامسة على انه يجب ان يكون اختيارتسميات الساحات والطرق العمومية معللا والايستند الى دوافع شخصية او يكون مرتبطا باستغلال مواقع النفوذ والامتياز، كما يجب الاتكون التسميات المذكورة مخالفة للنظام العام والاخلاق الحميدة.
في ضوء هذه النصوص اثير النقاش حول تسمية بعض الفضاءات العمومية بمدينة تمارة.ولعل اكثر الاسئلة ملحاحية لدى الراي العام الوطني تتعلق اساسا بالدوافع التي جعلت المجلس الجماعي لهذه المدينة يلجا الى استيراد اسماء اشخاص سلفيين من مجتمعات اخرى، بعضها متطرف جدا -مثل احمد النقيب الذي يكره شيئا اسمه حقوق المراة ، وسبق له ان افتى بقتل معارض لمجرد انه خارج المذهب-عوض اعتماد اسماء لشخصيات وطنية ، تاريخية او معاصرة ، لمفكرين وسياسيين وعلماء ، وهم كثر.كيف لنا ان نتجاهل هؤلاء ونحتفي باشخاص من مجتمعات اخرى لمجرد انهم يلتقون مع من اتخذوا القرار في التصور الفكري او الايديولوجي؟
ان المسؤولية على راس مجلس منتخب لاتعطي لصاحبها،شخصا او حزبا، الحق في فرض اختياراته على المجتمع الذي هو سابق عليه وباق بعده. ولو سمح بعكس ذلك لاصبحت مؤسسات البلاد ومدنها امارات يتصرف فيها المسؤولون وينشرون فيها ماشاؤوا من افكار ورؤى واسماء فيتوزع الوطن وتضيع هويته.
اننا بالتاكيد لسنا ضد اسماء المشارقة لمجرد انها كذلك. فالمئات من ساحاتنا وشوارعنا ومؤسساتنا-خاصة التعليمية-تحمل اسماء مشرقية ، وحتى غربية،تاريخية او معاصرة. لكن كلها لعظماء في مجالاتهم: عمر بن الخطاب، الغزالي، ابن رشد، ابن خلدون، المتنبي، طه حسين ، محمد عبده .. وغيرهم كثير. والمغاربة يحتفون بهذه الاسماء بل ويفخرون بها، لانهم لايجدون بها مايتعارض مع هوية مجتمعهم المنفتح والساعي الى الحداثة والديمقراطية وحقوق الانسان، وهو مالايومن به اولئك الذين احتفى بهم المجلس الجماعي لتمارة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المثمر
زر الذهاب إلى الأعلى