
أصدرت الكتابة الجهوية لحزب العدالة والتنمية بجهة بني ملال خنيفرة بياناً شديد اللهجة تهاجم فيه رئيس مجلس الجهة، عادل البراكات، بسبب ما وصفته بـ”التهجم غير المقبول” على رئيس جماعة تبانت، خالد تيكوكين، المنتمي للحزب نفسه. البيان جاء بعد أيام من دورة استثنائية لمجلس الجهة، عرفت خروجاً مثيراً لرئيسها ضد تيكوكين، في سياق تصاعد الجدل حول الأوضاع التنموية المتردية في منطقة أيت بوكماز بإقليم أزيلال.
اللافت في هذا البيان ليس فقط محتواه، بل توقيته أيضاً. إذ يطرح تساؤلات مشروعة حول صمت الكتابة الجهوية للبيجيدي طوال السنوات الماضية، رغم تدهور الأوضاع التنموية والاجتماعية في عدد من مناطق الجهة، بما فيها أيت بوكماز نفسها. لم يصدر عن الحزب أي موقف يذكر، لا بلاغات ولا خرجات ميدانية، إلى أن تحوّل تيكوكين إلى شخصية مثيرة للانتباه والرأي العام بسبب مواقفه الأخيرة ودفاعه العلني عن مطالب الساكنة.
هذا التحرك المتأخر يوحي بأن الدافع الأساسي ليس فقط ما تعرض له تيكوكين من هجوم، بل أيضاً محاولة واضحة من الحزب لاقتناص اللحظة واستثمار رصيد تعاطف الرأي العام مع رئيس جماعة أيت بوكماز، في وقت يعيش فيه الحزب صعوبات تنظيمية وشعبية بالجهة.
تيكوكين، في حد ذاته، قدم نموذجاً محلياً محترماً في الترافع والدفاع عن مصالح السكان، وتمكن من نقل معاناة الساكنة إلى الرأي العام الوطني بصوت هادئ ومسؤول. غير أن تحويل قصته إلى ورقة حزبية يُفقد هذا المسار بعضاً من نقائه، خصوصاً إذا وُظّف فقط لترميم صورة الحزب الذي غاب عن المشهد التنموي والسياسي طيلة مدة ليست بالقصيرة.
البيان كشف أيضاً عن مستوى التوتر الحزبي والمؤسساتي داخل مجلس الجهة، واستعمال المنابر الرسمية لتصفية حسابات سياسية، سواء من طرف الرئيس أو خصومه، وهو ما يُفرغ المؤسسات من جوهرها، ويعمّق أزمة الثقة لدى المواطنين تجاه الفاعلين السياسيين، مهما كانت انتماءاتهم.
إذا كان من الطبيعي أن يبادر الحزب إلى الدفاع عن أحد منتخبيه فالأجدر ايضا تواصله مع المواطنين وخدمة الصالح العام، والتواجد الدائم في الميدان، وتقييم الحصيلة التنموية، وكشف أوجه القصور، والتواصل مع الساكنة بشكل مستمر
. فالصمت الطويل الذي طبع أداء الحزب بالجهة لا يمكن تعويضه ببلاغ واحد مهما كانت حدته، لأن السياسة ليست رد فعل، بل مسؤولية يومية تتطلب حضوراً دائماً ومواقف واضحة، لا انتقائية في التفاعل