تزوير وثائق يطيح بموظفين وأعوان سلطة بسلا

كشفت مصادر مطلعة أن مصالح الأمن بمدينة سلا أحالت، خلال الأيام الأخيرة، عدداً من الموظفين وأعوان السلطة على أنظار النيابة العامة المختصة، وذلك على خلفية الاشتباه في تورطهم في شبكة لتزوير شهادات السكنى واستغلال النفوذ مقابل مبالغ مالية متفاوتة. وتأتي هذه التطورات بعد أسابيع من تحريات مكثفة باشرتها الشرطة القضائية، بتنسيق مع السلطات الإدارية، إثر توصلها بشكايات متعددة تتعلق باستصدار وثائق رسمية بطرق غير قانونية.
وبحسب المعطيات التي حصلت عليها الجريدة، فإن التحقيقات انطلقت بعد تسجيل تناقضات واختلالات في سجلات شهادات السكنى ببعض المقاطعات الحضرية، حيث لاحظت المصالح المختصة وجود وثائق تحمل عناوين غير صحيحة، أو تخص أشخاصاً لا يقيمون فعلياً بالمناطق الموقعة فيها الشهادة. هذه المؤشرات دفعت إلى فتح بحث معمق أسفر عن تحديد هويات موظفين تورطوا في تسهيل عملية إصدار شهادات السكنى لفائدة أشخاص غرباء عن النفوذ الترابي، مقابل مبالغ مالية جرى الاتفاق عليها سراً.
وكشفت التحقيقات أن بعض أعوان السلطة لعبوا دوراً محورياً في هذه العملية، مستغلين صلاحياتهم في المراقبة الترابية لإضفاء طابع رسمي على شهادات غير مطابقة للواقع. وأفادت المصادر نفسها بأن الشبكة كانت تلجأ إلى “تجار العناوين” الذين يوفرون عناوين وهمية لأشخاص يبحثون عن وثائق إدارية لاستكمال ملفات معينة، سواء المتعلقة بالتسجيل المدرسي أو الحصول على رخص مختلفة أو الالتحاق بمهن تتطلب تحديداً دقيقاً لمحل السكنى.
ووفق المعلومات المتوفرة، فقد قامت المصالح الأمنية بحجز عدد من الوثائق المشبوهة، إضافة إلى نسخ من سجلات كانت تستعمل خارج المساطر القانونية. كما تم الاستماع إلى عدد من المستفيدين من شهادات السكنى المزورة، والذين اعترف بعضهم بأنهم دفعوا مبالغ تتراوح بين 300 و1500 درهم مقابل الحصول على الشهادة دون تحقق فعلي من محل السكنى.
وفي السياق ذاته، أكدت مصادر إدارية أن هذه القضية تأتي في إطار حملة واسعة تشنها السلطات لمحاربة كل أشكال الفساد الإداري الذي يسيء إلى مصداقية الوثائق الرسمية ويضر بثقة المواطنين في المؤسسات. وأضافت أن وزارة الداخلية سبق أن وجهت دوريات صارمة تدعو إلى ضبط مسطرة منح شهادات السكنى والتأكد من احترام جميع شروطها القانونية، خصوصاً وأنها وثيقة أساسية في عدد من المعاملات الإدارية والقضائية.
و من المنتظر أن تكشف التحقيقات الجارية عن أسماء إضافية متورطة في هذه الشبكة، خاصة أن المحققين يتابعون خيوطاً أخرى تربط بعض الموظفين بعمليات سابقة قد تكون تمت بالطريقة نفسها. كما ينتظر أن تتخذ السلطات إجراءات تأديبية موازية في حق المتورطين، إلى جانب المتابعات القضائية التي قد تسفر عن عقوبات تتراوح بين الحبس والغرامة، بالنظر إلى جسامة الأفعال المرتكبة.



