جديد24

عقوبات الانتخابات تحت المجهر .. هل سيعيد مشروع القانون الجديد تشكيل قواعد اللعبة في مجلس النواب ؟

بقلم الدكتور امحمد اقبلي، رئيس جماعة أجلموس – إقليم خنيفرة.

مقدمة.

تعد نزاهة العملية الانتخابية وضمان حرية اختيار الناخبين من المبادئ الأساسية لأي نظام ديمقراطي. ولتحقيق هذه الغاية، نص القانون التنظيمي رقم 27.11 المتعلق بمجلس النواب على مجموعة من الأحكام الزجرية لمكافحة التجاوزات الانتخابية وحماية إرادة الناخبين.

ويأتي مشروع القانون التنظيمي رقم 53.25 المتعلق بمجلس النواب كتحديث لهذه الأحكام، مع إدراج آليات لمواكبة التحول الرقمي والتصدي للتدخلات الأجنبية، وضمان حماية العملية الانتخابية من أي استغلال سيء للتكنولوجيا أو وسائل التواصل الاجتماعي.

تهدف هذه الدراسة إلى تقديم قراءة قانونية وسياسية وحقوقية للمقتضيات الزجرية، من خلال مقارنة تفصيلية بين القانون التنظيمي 27.11 ومشروع القانون التنظيمي 53.25، وتسليط الضوء على الاتجاهات التشريعية الجديدة، مع تقديم خاتمة نقدية وتوصيات عملية قبل عرض المشروع على التصويت البرلماني.

أولاً: الدراسة المقارنة بين مقتضيات القانون التنظيمي 27.11 ومشروع القانون التنظيمي 53.25

منهجية المقارنة

استندت المقارنة إلى ثلاثة مستويات رئيسية:
مستوى التجريم: تحديد الأفعال المجرّمة وتوسيع نطاقها أو تضييقها.

مستوى العقوبة: تشديد أو تخفيف العقوبات، وإدراج وسائل جديدة لمواجهة المخالفات.

مستوى التقنيات القانونية: إدراج الفضاء الرقمي وأدوات الذكاء الاصطناعي، ومنع العقوبات البديلة لضمان ردعية أعلى.
مقارنة المواد

المادة 38

• 27.11 : تحديد المخالفات والعقوبات.
• 53.25 : إضافة منع الحكم بالعقوبات البديلة.
التفسير : تعزيز الردع القانوني وجعل الجرائم الانتخابية غير قابلة للتخفيف.

المادة 39

• 27.11 غرامة 10.000–50.000 لتوزيع المنشورات يوم الاقتراع، عقوبة أشد للموظف العمومي.

• 53.25 حبس 3–6 أشهر وغرامة 20.000–50.000، مع إدراج التجريم الرقمي (شبكات التواصل، البث المفتوح، الذكاء الاصطناعي، المنصات الإلكترونية)، وتشديد العقوبة للموظف إلى 6 أشهر – سنة وغرامة 50.000–100.000، إضافة تجريم استمالة الناخبين من قبل الموظف.
التفسير: توسيع التجريم الرقمي وحماية العملية الانتخابية من استغلال الوظيفة العامة.

المادة 40

• 53.25 تجريم نشر الإعلانات السياسية على منصات أو مواقع إلكترونية أجنبية.

الهدف: حماية السيادة الرقمية ومنع أي تدخل أجنبي في الانتخابات.

المادة 41

• رفع الغرامة للمرشح من 10.000–50.000 إلى 50.000–100.000، ولصاحب المطبعة إلى 300.000.
الغاية: تعزيز الردع المالي وضمان التزام جميع الأطراف بالقوانين الانتخابية.

المادة 42

• توسيع التجريم ليشمل الوسائل المقرصنة وغير المسجلة، وتشديد عقوبة الموظف العمومي.
الدلالة: مواكبة التطورات التكنولوجية ومنع أي استخدام غير قانوني للأدوات الانتخابية.
المواد 43–69

• غالبية المواد شهدت رفع العقوبات، إدراج التجريم الرقمي، توسيع الحرمان من التصويت والترشح، وتعريف العود بما يشمل القوانين الانتخابية لمجلس النواب ومجلس المستشارين.

• مواد الهدايا والرشاوى والتأثير على تصويت الناخب تشددت لضمان نزاهة التصويت.

• تعزيز العقوبات ضد استخدام منصات التواصل الاجتماعي للتأثير على النتائج، مع تأكيد أن التجريم لا يمس بحرية التعبير المشروع، بل يهدف لحماية نزاهة العملية الانتخابية.

ثانياً: القراءة القانونية والسياسية والحقوقية
الجانب القانوني:

o مشروع القانون التنظيمي 53.25 يوفر أدوات فعالة لمواجهة التدخلات الأجنبية والتلاعب بالناخبين، ويؤكد على حماية العملية الانتخابية من التجاوزات الرقمية.

o منع العقوبات البديلة يعزز جدية التطبيق والردع.
الجانب السياسي:

o تشديد العقوبات يعكس إرادة حقيقية لحماية المؤسسات النيابية وضمان نزاهة الانتخابات.
o التجريم الرقمي يتيح مواجهة التحديات الحديثة في الحملات الانتخابية، بما فيها الحملات الإعلامية المغرضة.

الجانب الحقوقي:

o التوازن بين حماية العملية الانتخابية وحرية التعبير مكفول، مع تأكيد أن التجريم يقتصر على الحالات التي تمس نزاهة الانتخابات أو الحياة الخاصة للناخبين والمترشحين.

النصوص واضحة حول منع الاستعمال السيء للتكنولوجيا، مع تفادي أي تفسير يمس الحقوق الأساسية.

ثالثاً: التحديات

يشير التحليل المقارن إلى أن مشروع القانون التنظيمي 53.25 يمثل خطوة تشريعية مهمة نحو حماية نزاهة العملية الانتخابية، إلا أنه يطرح تحديات تطبيقية:

• العقوبات المالية الكبيرة قد تثير جدلاً حول التناسب، خصوصًا فيما يتعلق بالمطبعة التي قد تنفذ نصوصًا دون قصد.

• ضرورة توضيح المصطلحات التقنية لضمان عدم تفسيرها بشكل خاطئ أو تعسفي.

• أهمية حملات التوعية للمواطنين والمترشحين لضمان الفاعلية.

رابعاً: التوصيات

إصدار دليل تطبيقي شامل للمترشحين والموظفين العموميين والمطبوعات لتوضيح التجريمات والعقوبات.

تنظيم حملات إعلامية حول العقوبات المتعلقة باستخدام وسائل التواصل والمنصات الرقمية.

تعزيز التعاون بين السلطات المختصة لضمان تطبيق العقوبات بشكل فعال، خاصة في التجاوزات الرقمية.
توضيح المصطلحات التقنية والرقمية لتفادي أي إشكاليات تفسيرية أو تعسفية.

متابعة تأثير التشديد على المطبوعات والصحافة لضمان عدم المس بحرية التعبير المشروع، مع حماية نزاهة العملية الانتخابية.

تقييم أثر التشديد الرقمي بعد الانتخابات لضمان ملاءمة النصوص القانونية للتحولات التقنية والسياسية الحديثة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المثمر
زر الذهاب إلى الأعلى