ثقافة وفن

الصايل يَخْتَطِفُ مهرجان خريبكة مع سبق الإصرار والترصد

محمد طيب-جديد24

أولاً و حتى نكون منصفين لابد أن نذكر أن مهرجان السينما الإفريقية بخريبكة بأهدافه النبيلة يعد حدثاً ثقافيا استثنائيا ينير ظلمة هذه المدينة، وبات يشكل إرثا ثقافيا مشتركا لها ولأبنائها وجزءا لا يتجزأ من تاريخها كأقدم مهرجان سينمائي مغربي لازال قائما إلى اليوم، وتمتد جذوره الثقافية على امتداد القارة السمراء بأحلامها وآمالها وآلامها، ورغم كل هذا فمهرجان خريبكة لا زال مصنفا في الخانة “ب” في خريطة المهرجانات المغربية، ولا يحصل الدعم الذي يستحقه وتستحقه معه هذه المدينة.

فقد يقول قائل إن المهرجان يصرف ما بين 300 و 400 مليون سنتيم كل سنة من أموال دافعي الضرائب والداعمين و هذا مبلغ كبير، نعم .. لكن مهرجان خريبكة يستحق أكثر من هذا الدعم لأنه لا يقل قيمة عن الكثير من المهرجانات المصنفة في الخانة “أ” والتي يدعمها الجميع بسخاء وبغير حساب.

في الحقيقة لن تجد مدينة كخريبكة مشروعاً ثقافيا أكثر فائدة من مهرجان سنوي يستطيع مثلاً أن يجمع مليار سنتيم من الدعم، لأن صرف مليار سنتيم في ستة أيام في مدينة صغيرة من شأنه أن يحدث انتعاشا اقتصاديا مهما لها، حتى وإن كان موسميا واقتصر على قطاعات محدودة بالمدينة كالفندقة والتموين والطباعة وبعض المهن الفنية والتقنية، فضلاً عن الحمولة الثقافية والتاريخية والإنسانية للمهرجان. هذا بالطبع إن كانت هذه الأموال ستصرف في المدينة وليس خارجها.

نور الدين الصايل أطل علينا هذه السنة بنبرة متفائلة جداً، متحدثا في حفل افتتاح الدورة 21 عن مرحلة انتقالية مهمة تنتظر مهرجان السينما الإفريقية بخريبكة، بناءً على الخبرة التي راكمتها هذه التظاهرة خلال أكثر من أربعين سنة، والتي يمكن توظيفها في المرحلة المقبلة لإرساء تطورات مهمة على كافة المستويات، مضيفاً في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء أن هذه الدورة تمثل فرصة لعقد شراكات جديدة مع شركاء المهرجان، وفتح الحوار مع السلطات المحلية والقطاع الخاص للانتقال بالمهرجان لمرحلة جديدة تسجل قفزة نوعية نحو المستقبل حسب زعمه.

لكن إدارة مؤسسة مهرجان السينما الافريقية بخريبكة تتكلم بيدها اليمنى وتعمل بيدها اليسرى على ما يبدو، وأبانت أنها إدارة شولاء تستصغر أبناء المدينة من مثقفين وفنانين وإعلاميين وجمعويين وتقنيين وتقصيهم جميعاً، ومن يتابع المهرجان هذه السنة سيسجل غيابا كبيراً لأبرز الوجوه الخريبكية التي لطالما أغنت هذه التظاهرة الثقافية وساهمت في استمرارها وتطورها على مدى عقود. الإعلامي محمد الرايس يتحدث عن خريف هذا الملتقى السينمائي وتحوله إلى اسم يلتف على أموال دافعي الضرائب باسم الثقافة ويتأسف على زمنٍ كان يُعقد فيه الملتقى في عز الربيع بحضورٍ نوعي لمؤسسي السينما الإفريقية والمغربية والعربية بمختلف أجناسها، الأديب والباحث عثمان أشقرا كتب في تدوينةٍ له على فايسبوك أن لحسن زينون تنقصه المؤهلات لتسيير هذا المهرجان وأن الصايل جعل المهرجان منغلقا على نفسه بنقله لصراعاته الشخصية مع جهات عدة إلى مهرجان خريبكة، أما الإعلامي نور الدين ثلاج فيبحث عن مهرجان خريبكة المفقود الذي يصرف الملايين من أموال دافعي الضرائب ويتعالى على الجميع، واللائحة طويلة.

نور الدين الصايل اقترح صديقه زينون أو ربما فرضه مديراً للدورة 21 رغم أنف المدينة، في جلسة استثنائية للمجلس الإداري لمؤسسة مهرجان السينما الإفريقية عقدت في يونيو الماضي وعرفت تصويتاً بالإجماع على هذا الاقتراح، ولا يهمنا هنا زينون بالقدر الذي يهمنا المبلغ الذي سيتقاضاه صاحبنا مقابل هذه المهمة، أم أنها أموال يجمعها المهرجان باليمنى ويبددها باليسرى.

الصايل هذه السنة استبعد كذلك أبناء المدينة من الشباب المبدعين، الذين ظلوا لسنواتِ يعملون مع المهرجان، وآثر عليهم وكالة إشهارية من مدينة أخرى في صفقة لتصميم الملصقات الرسمية للمهرجان وهوية بصرية جديدة (لوغو) وموقع الكتروني جديد، فأطلت علينا الدورة 21 بملصقات سوداء بخلفية محملة من موقع شهير يبيع التصميمات ولا نعلم إن كان المصمم قد حصل على الخلفية بطريقة قانونية أو قرصنها، وموقع إلكتروني جديد يقتصر محتواه على برنامج الدورة 21 وباللغة الفرنسية فقط، في الوقت الذي اختفى فيه الموقع القديم الذي كان يحوي أرشيفاً غنيا بوسائط الميديا الوثائقية باللغتين العربية والفرنسية، أما الهوية البصرية فلم يكن هناك من دافع معقول لتغييرها من الأصل.

لا أريد هنا أن أنتقص من العمل الجميل الذي أبدعته هذه الوكالة، لكن منذ متى كانت ملصقات المهرجان تصمم خارج المدينة؟.

هذا مجرد غيض من فيض وما خفي أعظم، وإن كان الصايل قد نجح في شيء خلال إدارته لمؤسسة مهرجان السينما الافريقية في السنوات الماضية، فقد نجح بالفعل في توسيع رقعة المقاطعين للمهرجان من متابعين ومثقفين وسينمائيين وإعلامين محليين، من خلال تكبر مؤسسته عليهم مقابل معاملتها التفضيلية لبعض المقربين، والنقلة والقفزة النوعية التي يتحدث عنها الصايل اليوم بكل تأكيد ستكون نقلة وقفزة لأصدقائه ومقربيه ومريديه على حساب المدينة ومهرجانها المختطف.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. للتذكير سنوات ونحن نتشر حالة المهرجان التي تنهار …وعلى هذا الفضاء بعثمان رسائل إلى الصايل وإلى المهتمين ولم يعرها البعض أهمية إلا أن وصلت الأمور إلى السكتة الأخيرة. …على أي تبقى هذه اليقظة مهمة ولها وقعها حينما توسعت دائرة الغاضبين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المثمر
زر الذهاب إلى الأعلى