ما فائدة المكتسبات إذا كانت ستُفنَّدُ باجتهادات قضائية؟؟؟ مسطرة التطليق للشقاق نموذجا
ذة مارية الشرقاوي ■ كاتبة و باحثة في قضايا النوع الاجتماعي
أبغض الحلال عند الله الطلاق، فالطلاق يؤدي إلى التفكك الأسري وله تداعيات سلبية سواء على الأسرة أو على المجتمع، لكن أحيانا يكون رحمة للزوجين وللأطفال معا، وقد يكون درءا لمخاطر قد تأتي على الحابل و النابل، ومناقشتي لهذا الموضوع تأتي في سياق الطلاق واقع قد يواجه العديد من الأزواج لذا يجب مناقشته بشجاعة وحياد تام عن كل تمييز بسبب الجنس، بحيث ما قد تعانيه المرأة المطلقة يعانيه أيضا الرجل المطلق.
ومن خلال هذا المقال سأحاول تسليط الضوء على مسطرة التطليق للشقاق بين النص الوارد بمدونة الأسرة و التفعيل لدى محاكم قضاء الأسرة.
قبل صدور مدونة الأسرة عانت طالبة التطليق المر وتاهت في ردهات المحاكم لإثبات الضرر الذي من أجله تطلب الطلاق، فكثيرات هن من بقين معلقات لاهن زوجات ينعمن بحياة زوجية مستقرة ولا هن مطلقات بإمكانهن بداية حياة جديدة. وبعد نضال مستميت للمنظمات والجمعيات النسائية وبعد صراع مرير مع التيار المحافظ الذي كان رافضا رفضا باتا لمجموعة من الإصلاحات لقانون الأحوال الشخصية صدرت مدونة الأسرة ونصت في المادة 94 على مايلي : ( إذا طلب الزوجان أوأحدهما من المحكمة حل نزاع بينهما يخاف منه الشقاق، وجب عليها أن تقوم بكل المحاولات لإصلاح ذات البين طبقا لأحكام المادة 82 )، ومن خلال هذه المادة التطليق للشقاق هو حق يمارسه كل من الزوج و الزوجة ، وحسب المواد 83 84 و85 تستفيد المرأة من جميع مستحقاتها وإن كانت هي طالبة التطليق للشقاق، الشيء الذي جعل التطليق للشقاق من أهم المستجدات التي جاءت بها مدونة الأسرة لأنه من خلاله وضع المشرع المغربي حدا لمعاناة طالبة التطليق سيما وواقع الحال، حينها أثبت في نسبة كبيرة من الملفات المعروضة حول هذا الموضوع تعذر طالبة التطليق على إثبات الضرر الذي من أجله تريد إنهاء علاقتها الزوجية، وبذلك أصبح التطليق للشقاق يجب جميع أنواع الطلاق .
غير أن هذا المكتسب الذي أنصف المرأة المعنفة من زوجها سواء عنفا معنويا أو ماديا تم تفنيده بصدور اجتهاد قضائي فسر من خلاله المجلس الأعلى المادة 97 من مدونة الأسرة في قرارعدد 433 أصدره بتاريخ 21 شتنبر 2010 يقضي بحرمان المرأة من الاستفادة من حقها في المتعة إذا كانت هي من تقدمت بدعوى التطليق للشقاق ،والمؤسف أن هذا الاجتهاد القضائي الذي اعتبرناه نحن كفعاليات نسائية اجتهادا مشؤوما ومجحفا في حق المرأة نجد في المقابل جميع محاكم قضاء الأسرة تأخذ به وتفعله حين بثها في طلبات التطليق للشقاق المعروضة عليها من طرف الزوجة، الشيء الذي أعتبره ضربا سافرا للمساواة بين المرأة و الرجل في حق التقاضي، وكأن هذا التوجه يقول للمرأة : ” إذا تجرأت يا امرأة وطرقت باب القضاء ستحرمين من مستحقاتك ومن حقك وستخرجين صفرا خاوية الوفاض”.
إذن والحالة هاته ما على الزوج إلا أن يذيق زوجته شتى أنواع العذاب النفسي ليدفعها دفعا إلى طرق باب القضاء وخلع نفسها، وهذا يعتبر إشكالا خطيرا باعتبار أن مدونة الأسرة طردت الخلع من الباب ليدخله اجتهاد قضائي من النافدة ، الشيء الذي يجعلنا نطرح سؤالا من قبيل : ما فائدة المكتسبات إذا كانت ستفند باجتهادات قضائية ؟