جديد24سلايدر

الأبعاد المتحكمة في تحرير الملك العمومي بمدينة خريبكة

تنفس تجار مدينة خريبكة الصعداء ، ومعها الساكنة طبعا، بعد أن تم تنفيذ القرار العاملي بالحاق الباعة المتجولين بالاسواق النموذجية أو أسواق القرب كما يصطلح عليها في القاموس الإداري ،وذلك بعد سنين من المعاناة ، كانت سببا في كساد كثير من المحلات التجارية ، منهم من هاجر المدينة ومنهم من أغلق محلاته ،هروبا من جحيم حقيقي لايطاق ،ومنهم من باع محلاته التجارية بثمن بخس ، فرضته العشوائية والعقليات المتحجرة ،وغياب روح المسؤولية لكثير من الاداريين الذين يبدعون في ربطة العنق الداكنة ، ولا يبدعون في رفع حصار عن مدينة ،حولها الشجع الى فوضى بقوة القانون ٠
في خضم الفرحة العارمة التي اعرب عنها سكان المدينة،وأشادوا من خلالها بدور السيد العامل -عبد الحميد الشنوري – في حسن تدبيره لهذا الملف الشائك ،بالنظر الى تداعياته الاجتماعية على الباعة وحقوقهم غير المشروعة ،التي اصبحت مكتسبة،ونجاحه في اخماد فوضى حقيقية كانت تلقي بظلالها ،كلما نوقش هذا الملف في مكاتب السلطة المحلية، ولكن ذكاء هذا الرجل ، وثقته بالنفس ، وحسن إصغائه لكل مكونات المجتمع ، رغم ما يثوي ,أي المجتمع، من تجاذبات وتباينات على ارض الواقع ، كانت سببا كبيرا في انجاح عمليات الترحيل (حتى انه حق لمكونات المدينة وتجارها ان يحتفلوا بهذا اليوم،2019/8/25 ،ويسمونه بيوم -تحرير المدينة -) لا يسعنا إلا أن نحدد ثلاثة ابعاد تحكمت في نجاح السيد العامل ؛

البعد الاول : القضاء على العقليات المتحجرة 
تعاقب على مدينة خريبكة في الاونة الاخيرة تلاثة عمال ،وكانت السمة التي تميزهم ،عجرفة وتسلط واستقواء على صغار الموظفين ،وفي المقابل مجالس بلدية عقيمة تقدسهم وتسبح بحمدهم ،الا في مواقف محدودة وضيقة ادى من خلالها بعض الفاعلين في المجلس البلدي السابق ،ضريبة غالية حرمتهم من الاستحقاقات الانتخابية بشكل واضح وجلي.
عقليات ظلت تكرس بضعفها واقعا مريرا ،لايتعلق بتحرير الملك العمومي ، بل بعدة مجالات كتحرير الوعاء العقاري من التعقيدات المسطرية التي خربت الاسر وشردت الكثير منهم بسبب الانحباس العقاري على وزن (الانحباس الحراري )ان صح التعبير ، فضلا عن مجموعة من المشاريع التي حولها العجز الاداري والعقليات المتحجرة الى رسوم واطلال جاهزة لايواء المتشردين والمجرمين والمضطهدين ، رغم انها حصدت اموالا كثيرة من مالية صندوق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية للاسف ، وذلك يعزى،اقول :لصناديد المكاتب الادارية التي تبدع في التعقيد ولاتبدع في حل المشاكل ، والابما نفسر هذا الانفراج الذي وقع عليه السيد عامل خريبكة منذ مجيئه الى ارض العامريات ؟طبعا يفسر بنضجه الثقافي ، واستيعابه الجيد لدلالات الخطابات الملكية الداعيةالى تبني الحكامة في تدبير الشان المحلي ،اي ان الامر في نهاية المطاف مرتبط بتحرير العقل الاداري ،قبل تحرير الملك العمومي ٠

البعد التاني : الحب والاحترام يولد الاصغاء 
اول سؤال قد يتبادر الى الاذهان ،في مدينة الغبار الفوسفاطي ، لماذا نجح السيد العامل الجديد في معالجة كثير من الملفات المعقدة ؟الجواب طبعا ،هو نهجه لاسلوب مختلف عن سابقيه على مستوى السلوك الاجتماعي او ما يسمى بالتواصل مع كل شرائح خريبكة ،والاستماع اليهم بايجابية مختلفة ،ومشاركته في كل المحطات الثقافية التي تسعفه الحضور ،دون استعلاء او اعراض تبرره ثقافة المخزن القديم ، هذا التعامل الناجح افضى الى اجماع ابناء المدينة على ان هذا العامل يستحق الحب ومعه الاحترام الكبيرين ، لما عبر عنه من نضج كبير ، ويقظة ،مشدودة الاعصاب خدمة للاقليم ،لذلك كان من اليسر على السلطة المحلية ان تنجح في نقل الباعة المتجولون الى اسواق القرب بصدر رحب ٠

البعد الثالث : هل قرار تطهير الملك العمومي سحابة صيف ؟
ينظر كثير من المتتبعين نظرة ازدراء للوضع الذي اصبحت عليه الشوارع المكتظة سابقا ،وذلك لقناعتهم الصميمية بان الامر مجرد حملة عابرة ، لاتعدو ان تكون فلتتة ادارية يحكمهاالحماس ، وتغذيها الرغبة في التغيير واتبات قوة السلطة وقدرتها على قلب الأمور متى شاءت ذلك ، بحكم ان المخزن قادر على تغيير الاوضاع بين عشية وضحاها ، ولأن التجربة دلت على هذا الامر ، وبالتالي ستعود حليمة الى عادتها القديمة ، وسيحتل (الفراشة شوارع المدينة من جديد ) ماأن تخبو ارادة السلطة المحلية وتتناسى التزاماتها.
مثل هذا التحفظ له مايبرره ، ويشكل ازعاجا في نفس الوقت ،ويضعنا امام تحدي حقيقي تعرفه هذه المدينة ، اما ان تنتصر للنظام وتدافع عنه ،او تذعن للفوضى وتتبناها، تحث ذرائع مختلفة وواهية ،يزايد عليها بعض السياسيين الذين يراهنون على تهييج الطبقات الشعبية والفقيرة ، المعنية اساسا بظاهرة الباعة المتجولون ٠

 الان الامر مختلف جدا ، ولايدعو الى القلق او التشكيك ، وذلك لأسباب عديدة ،من جملتها ان المجلس البلدي السابق والحالي اشرفا على تهييء بديل يستوعب كل الباعة في اسواق القر ب ،بشكل منظم ،يسمح للباعة بممارسة انشطتهم التجارية بكل اطمئنان وتبات ، وبالتالي لا يسمح للباعة بمغادرة تلك الفضاءات ، واحتلال الملك العمومي تحث طائلة عقوبات صارمة ، من جملتها مصادرة البضائع ومعاقبة المخالفين لها ، علاوة على سياسة الاشراك الجماعي لكل القرارات المتعلقة بتنمية المدينة من طرف السيد العامل ، وهذه سياسة ناجعة تجعل كل القرارات الادارية موضوع اهتمام وقبول وترحاب من طرف الكل ، اي لايمكن للمنتخبين ولا للفاعلين السياسيين ؛ولا لرؤساء المصالح الخارجية ،و لا للمجتمع المدني ايضا ، ان يبدوا اعتراضا على قرار شاركوا في حيتياته على الاطلاق ، بشكل صريح او ضمني٠

 ان التدبير العقلاني لمسؤول معين، هو ركن ركين ،ودعامة اساسية في كل تنمية نتوخى تنزيلها على ارض الواقع ،بدايتها الحوار ، واساسها الابداع والاختراق ،ووسيلتها حسن الاصغاء للمواطن بتؤدة واناة وصبر وحكمة ، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المثمر
زر الذهاب إلى الأعلى