المرأةجديد24سلايدر

نساء الموساد والـ”خدمات” التي يُقدِّمونها لإغراء الأهداف؟

زهير أندراوس:
يُعتبر جهاز (الموساد) الإسرائيليّ بقرةً مُقدّسةً في كيان الاحتلال، ولكنّ الرقابة العسكريّة في تل أبيب لا تسمح بنشر عدد المُوظفين والموظفات فيه، أوْ ميزانيته السنويّة، التي وفق حسابات صحيفة (هآرتس) العبريّة تفوق بعدّة مرّاتٍ ميزانية الأردن ولبنان السنويّة على حدٍّ سواء، وغنيٌّ عن القول إنّ هذا الجهاز السّريّ جدًا يتبع مبُاشرةً إلى رئيس الوزراء، وليس لوزير الأمن، كما هو مُتبّعٍ في دولٍ عديدةٍ.
بالإضافة إلى ذلك، تمنع الرقابة العسكريّة بالكيان نشر عدد النساء اللواتي يعملن في هذا الجهاز، علمًا أنّ اثنتين منهم وصلتا تقريبًا إلى رأس الهرم: عليزا ماغين-هليفي، التي أنهت خدماتها مؤخرًا بالجهاز، وصلت إلى منصب نائبة رئيس الموساد لأوّل مرّةٍ في تاريخه، فيما وصلت سيما شاين، إلى منصب رئيسة وحدة الأبحاث في الموساد، وأنهت خدماتها وتعمل اليوم باحثةً في مركز أبحاث الأمن القوميّ التابِع لجامعة تل أبيب.
وقد قامت ولأوّل مرّةٍ خمس سيدات يعملن في الموساد بـ”فضح” الخدمات السريّة لإسرائيل، التي تقوم باستخدام النساء من أجل الأمن القوميّ للدولة العبريّة. وكانت صحيفة (يديعوت أحرونوت) قد نشرت اعترافات السيدات المتورطات في أكثر العمليات خطورةً وأهميةً داخل الموساد، حيث أوضحت إيفرات، وهي واحدة من أهم العميلات في الموساد، أنّ الأمر مقتصر فقط على المغازلة، ومهما كان الأمر فإنّ الموساد لا يسمح بأكثر من ذلك، مؤكّدةً أنّ حياتها ستنتهي إذا تمّ كشف أمرها، ولكنها لا تبالي بذلك من أجل أمن إسرائيل، على حد تعبيرها. أما العميلة أيالا، فقالت عن تأثير هذا الأمر على عائلتها إنّها تترك زوجها وأطفالها الثلاثة نائمين في أسرتهم مع دموع في عينيها وغصّة في حلقها.
من ناحيته أكّد تامير باردو، قائد الموساد السابِق، الذي وصف الجهاز بأنّه عصابة قتل مُنظّمٍ، أكّد أن النساء عميلات استثنائيات، مشيدًا بقدراتهن وقمعهن للذات من أجل تحقيق الأهداف، موضحًا أنّ قدرات النساء تعلو على قدرات الرجال في فهم الإقليم وقراءة المواقف والوعي المكانيّ، على حدّ تعبيره.
يُشار إلى أنّ الوزيرة السابقة تسيبي ليفني، كانت من أشهر عملاء الموساد، فقد أنهت خدمتها العسكرية كملازم أول في جيش الاحتلال، وعملت لصالح الموساد في أوروبا، وبين الأعوام 1980-1984 لاحقت مع جهاز الموساد قادة منظمة التحرير في معظم دول أوروبا.
وبحسب المصادر الأجنبيّة فقد ساهمت بعمليات الاغتيال، خصوصًا اغتيال مأمون مريش وكان وقتها مساعًدا للقياديّ البارز في منظمة التحرير خليل الوزير (أبو جهاد) في أثينا، حيث كان يُساعِد في تسيير العمليات الخارجيّة ويُشرِف على العلميات الفدائيّة داخل الأراضي الفلسطينيّة.
وقد اقترب منه شابان يقودان دراجتين ناريتين يوم 20 آب (أغسطس) 1983 وفتحا باب سيارته التي كان يهُمّ بإيقافها قرب مسكنه في العاصمة اليونانيّة، ثم أمطراه بالرصاص من مسدسين كاتمين للصوت ولاذا بالفرار، في عملية لم تستغرق أكثر من دقيقتين.
جديرٌ بالذكر أنّ تقارير خاصة ربطت اسم ليفني بالعمل كجاسوسة من الدرجة الأولى في فرنسا أوائل الثمانينات، إذْ توزّع عملها ما بين جمع معلومات عن نشطاء عرب في أوروبا إلى العمل كمدبرةٍ منزليّةٍ في العاصمة الفرنسيّة، وكانت في وحدة النخبة بحسب أفراييم هاليفي المدير الأسبق للموساد، الذي لأسبابٍ أمنيّةٍ، رفض إعطاء تفاصيل عن المهمات التي قامت بها ليفني في الفترة ما بين عامي 1980 و1984.
ليفني التي تتحدث اللغة الفرنسية بطلاقةٍ وتنحدِر من عائلة العصابات الصهيونيّة عمِلت في باريس التي كانت وقتئذ ساحة لمعارك طاحنةٍ بين الموساد وعدد من قيادات الفصائل الفلسطينية وطموحات الرئيس العراقيّ الراحِل، صدام حسين النوويّة.
وكباقي المُتطوِّعين الجدد قامت ليفني بأعمال الطلاب وتنقلّت بالقارة العجوز حيث خاضت العديد من الاختبارات التي لا تخلو في معظمها من المخاطر وتركّزت معظم مهامها بالعمل كخادمةٍ أوْ مُدبرّةٍ منزليّةٍ لبيوت عددٍ من المطلوبين، وكانت تُقدِّم لهم الإغراءات الجنسيّة وربمّا أكثر، بحسب المصادر الغربيّة.
بعد العمل في المنازل انطلقت ليفني للعمل الميدانيّ حيث تلّقت تدريبات حول كيفية تجنيد الجواسيس وجمع المعلومات في وقت كانت إسرائيل تُواجِه خصومها الكثر، خاصّةً بعد خروج المنظمة من بيروت وانتقالها إلى تونس.
الجدير بالذكر أنّ عملاء الموساد عملوا على إحباط مخططات الرئيس العراقيّ الراحل صدام حسين لبناء مفاعل نوويٍّ، ففي حزيران (يونيو) من العام 1980 وُجِد عالم نوويّ عراقيّ يعمل بالبرنامج النوويّ العراقيّ مقتولاً في غرفته بالفندق حيث اتجهت أصابع الاتهام نحو الموساد، وحتى فتاة الليل التي اكتشفت أمر الجريمة بعد سماعها الأصوات تنبعث من غرفة العالم العراقيّ تمّ قتلها بعد شهر في ظروفٍ غامضةٍ، ووُجِهَت أصابع الاتهام لليفني، إلّا أنّ المتحدثة باسمها رفض التطرّق إلى قضية تورطها في العملية المذكورة، واكتفى بالقول إنّ ليفني لا تُفصِح عن المُهّمات التي قامت فيها خلال خدمتها في الموساد، على حدّ تعبيرها.
ومع كلّ ذلك، حتى اليوم، ما زال الغموض يكتنِف هذا الجهاز السريّ جدًا، والذي تزعم إسرائيل وماكينتها الإعلاميّة بأنّه أكثر الأجهزة نجاحًا، وتحديدًا بعد استغلال عملياته المزعومة ضدّ البرنامج النوويّ الإيرانيّ من قبل نتنياهو في استعراضاتٍ وُصِفَت بالبهلوانيّة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المثمر
زر الذهاب إلى الأعلى