سلايدرلا تنشر هنا
أنسنة المؤسسات..أبعاد و دلالات
جديد24_ذ. عبد الصمد خشيع
لاشك أنه في خضم التدافع عن الأخد بزمام المسؤولية ،وامتلاك ناصيتها، وخوض المعارك من أجل الظفر بها ،واحيانا تقديم تنازلات كثيرة لمبادىء عديدة ،يواجه المرء بسؤال جوهري يثوي بعدا آخر، نكشف من خلاله عن سر نجاحه في مهمته التي انيط بدواليبها، وأصبح مسؤولا على اخفاقها او انجاحها ، وتحمل عبئها على عدة واجهات، سؤال ليس من السهل الإجابة عنه، لصعوبة ادراكه من طرف العديد من الاشخاص ، لانه مرتبط بسلوك أساسي ،قد لا نكثرت له، أو نسقطه من حساباتتا، أو يتدحرج إلى أسفل أولويات الاعتبار ،في معايير التقييم الذي نصدره عن كل شخصية حكمتنا، او اطرتنا او تعاملنا معها او وليناها شؤون أمورنا السياسية او المهنية أو الإدارية، وهو أنسنة المواقف التي يسجلها ذلك المسؤول ، ويجعلها عنوانا بارزا لكل معاملاته ، وعقيدة راسخة تترجمها سلوكاته ،التي لا تطبعها الفظاظة وإنما تحكمها المرونة ، وخفض جناح الذل من الرحمة والتفهم واللين والتعاون ، واكثر من التقدير والاختراق ،والاحترام ٠
أنسنة المؤسسات تعني كيف يتمكن المسؤول من أن يكون إنسانا ،قبل ان يأخده غرور الكرسي وجبروته الذي سيقذفه في الهاوية ،بسبب عقد ومخلفات التسلط والاستقواء ،التي باتت تنخر العلاقة بين الرئيس والمرؤوس او بين الحاكم والمحكوم او بين الناخب والمنتخب، وتحولت الى كراهية ابدية ،قلما يتم التعبير عنها إلا بالاصوات الانتقامية ،او تصريفها في مواقف خفية تنطوي على احتقان مبرر من طبيعة الحال ٠
إن ما يواجه المرء في الظروف الحالية ،التي يتقلد فيها المسؤولية، سيما اذا كانت محكومة بالانتخاب الديمقراطي ،ليس فقط مستوى الانضباط والتتبع واليقظة ، الذي يفترض ان يتحلى به ، بل كيف يمكن ان يخترق قلوب الاخر ، وكيف يكون انسانا وكيف يكون محبوبا في خضم تدافع مصالح لاتتغياها فقط فئة قليلة من النخب ، بل اضحت مبتغى الكثير الى درجة التعميم ، ولكنها متفاوتة حسب درجتها واولوياتها ، داخل هذا التجاذب النفسي تحضر انسانية المسؤول ،الذي يدير مؤسسته بنوع من الحب ونكران الذات ، للتغلب على كل الاعاصير والانواء التي قد تعصف باحلام الذين استودعوه سرهم ونجواهم ،ووضعوا ثقتهم فيه ، هناك من ينكأ الجراح ويبحث عن كل الزلات التي من شأنها أن تهدم الهوية بين الطرفين ،بشكل فج ،ولكن سيصاب بمقاومة شديدة لايفصح عنها الكثير ، وانما تظل تسكن الكيان وتتعايش مع حب مشترك ، قد لا نفهم اسبابه ، ولكن نفهم على انه انسنة المؤسسات ، التي جعل منها ذلك المسؤول مرجعا اساسيا للتمسك به والتضحية من اجله ٠