في كل نهاية أسبوع يجلس بيب غوارديولا مدرب مانشستر سيتي بطل الدوري الانكليزي في العامين الاخيرين، يفرك يديه بحماس ويقول في نفسه “هذه هي”، اللحظة التي يرى منافسه الشرس على اللقب ليفربول يخسر او حتى يهدر نقاطاً بتعادل… هذه الامنية تكررت كثيراً هذا الموسم، وفي كل مرة خيبة الامل تصيب المدرب الاسباني، لان قطار ليفربول السريع لا يتوقف على الاطلاق.
الفوز على الجار ايفرتون ليلة الثلاثاء الماضية، كان الانتصار الرابع عشر هذا الموسم من اصل 15، مع تعادل وحيد، ليحقق رقماً قياسياً في تاريخه بالدوري بعدم الخسارة في 32 مباراة متتالية (27 انتصارا و5 تعادلات)، ولا يبدو أن هناك ما يوقفه عن احراز لقبه الاول في البريميرليغ منذ 1990.
8 نقاط تبعده على الثاني ليستر و11 عن حامل اللقب السيتي، وغوارديولا يدرك أن على رجال يورغن كلوب أن يخسروا 4 مباريات في المباريات الـ23 المقبلة، وألا يهدر لاعبوه أي نقطة كي يحظى بفرصة احراز اللقب، لكن تبقى المشكلة أن ليفربول لم يخسر منذ بداية الموسم الماضي وحتى الآن سوى مباراة واحدة فقط (خلال 53 مباراة)، ويعلم ان هذه الخسارة كانت أمام فريقه بالذات في مطلع العام، عندما كان الليفر يتقدم بفارق 7 نقاط، تقلصت تدريجياً قبل ان يخطف رجال غوارديولا اللقب الثاني على التوالي. لكن المدرب الكتالوني يعلم، مثله مثل الملايين غيره، ان هذا الامر لن يتكرر لأن ببساطة ليفربول أصبحت لديه حصانة من الخسارة، أو بمعنى آخر “لا يعرف كيف يخسر”.
في نهاية أكتوبر/تشرين الأول أشرك كلوب لاعبين شباناً وبعضا من الفريق الرديف وآخرين من الاحتياطيين أمام أرسنال في ثمن نهائي كأس المحترفين، والهدف كان الخروج بشرف من هذه المسابقة، لأن البقاء فيها سيكون مستحيلاً كونه سيشارك في كأس العالم للأندية في نفس توقيت دورها المقبل (منتصف هذا الشهر)، ما يعني استحالة التوفيق بين المسابقتين، ورغم تأخره ثلاث مرات في المباراة (1/3 و2/4 و4/5)، فأنه خرج فائزاً بركلات الترجيح، ليزيد الكثيرين حيرة عن سر عدم خسارة هذا الفريق!
البعض قد يقول ان الاصابات ستنال من الفريق وبالتالي سيفقد بعضا من ركائزه ونجومه وسيتعرض لخسارات، لكن حتى الآن هذا الموسم، ورغم انه الوحيد من بين الكبار الذي لم ينفق على ضم لاعبين جدد، فانه فقد حارسه المتالق أليسون للاصابة وغاب عنه مدافعه الصلب ماتيب، وأيضاً فابينيو يغيب لستة أسابيع، مثلما غاب صلاح من حين الى آخر مع فيرمينو ونابي كيتا وفينالدوم، وجميعهم من الركائز الرئيسية، ومع ذلك لم تتوقف الانتصارات، رغم اعتبار كثيرين أن عدم وجود عمق في الفريق، وبدائل جاهزين قد يعيق الفريق، وثبت عكس هذا الأمر، علماً ان ليفربول دخل الآن أصعب مرحلة في الموسم، وهي مرحلة ضغط المباريات المتلاحقة، حيث يتعين عليه خوض 14 مباراة في 42 يوماً في 5 مسابقات مختلفة.
ورغم ان كثيراً من عروضه الأخيرة لم ترتق الى سمعته، وجاءت صعبة ومتأخرة وبعد كفاح عنيف، الا أنها تجيب على سؤال: لماذا لا يخسر ليفربول؟ السر يكمن في كلوب نفسه، فأي فريق يشركه المدرب الألماني يلعب بنفس العقلية، وهي بذل الطاقة العالية والجهد الكبير واغلاق المساحات سريعاً وخنق الخصم في نقاط قوته والضرب في العمق بسرعة عالية، وفي نهاية كل مباراة، مهما كانت نتيجتها يدرك المنافس أنه كان في معركة طاحنة.
البعض قد يجادل أنه خسر من نابولي في دوري أبطال أوروبا هذا الموسم، وبات يتعين عليه الذهاب الى سالزبورغ وتفادي الهزيمة كي يضمن تأهله، والجواب ببساطة، انه حتى دوري الأبطال هذا الموسم ليست من أولويات كلوب وفريقه، مثلها مثل كأس المحترفين، أي ان الأولوية الفصوى هذا الموسم هي لبطولة الدوري الانكليزي، واذا سألنا أنصار ليفربول عن البطولة التي يتوقون الى احرازها، فان الشريحة الكبيرة ستقول: البريميرليغ، والسبب ببساطة انهم فقدوا الزعامة في انكلترا لمانشستر يونايتد بسبب السير أليكس فيرغسون، وباتوا يتأخرون بفارق لقبين عنه (18 لليفربول و20 ليونايتد)، ولو كانت هناك امكانية لتبادلوا مع السيتي، لأن غوارديولا يتوق لاحراز دوري الأبطال اكثر من الدوري المحلي.
فهل سيخسر ليفربول؟ نعم في النهاية سيفعل، لكن متى؟ لا أحد يعلم!