العشرات كسروا حالة الطوارئ الصحية باسم الدين وعرضوا الشعب للعدوى بفيروس “كورونا”(فيديو)
بينما تجندت الدولة بمختلف مؤسساتها، وفعاليات المجتمع المدني، والنقابات، والأحزاب، والفنانون، والمثقفون، والجسم الإعلامي بأكمله، لنشر التوعية والقيام بإجراءات ومجهودات استباقية للحد من انتشار وباء “كورونا”، وتجنيب بلادنا كارثة، مثل التي تعيشها العديد من الدول المتقدمة، والتي أصبحت تعيش إنهياراً لمنظومتها الصحية والاجتماعية والاقتصادية، خرج ليلة أمس السبت العشرات في مدن طنجة، تطوان، فاس، وسلا، في مسيرات وهم يكبرون ويرفعون الشهادتين، بالرغم من حالة الطوارئ الصحية التي أعلنت عنها وزارة الداخلية، في خطوة متهورة استنكرها المغاربة على مواقع التواصل الاجتماعي وخلفت غضباً شعبياً كبيراً.
ما أقدم عليه هؤلاء المتهورون الذين لم يعيروا نداءات الالتزام بالحجر الصحي المنزلي، الذي دعت إليه السلطات لمواجهة الجائحة، أقل ما يمكن وصفه به هو التهورٌ والتخلف، وارتكاب جريمة في حق المجتمع والأمة، في ظل الأوضاع التي تعيشها بلادنا.
حيث لا يمكن أن نتصور حجم الاستهتار الذي تميزت به “مسيرات العار” كما وصفها العديد من المتتبعين، والنشطاء، وكيف أن حشوداً كسرت الحجر الصحي وحالة الطوارئ الصحية، لتخرج في جموع غفيرة في أربع مدن، ضداً على إرادة أغلبية المغاربة الذين مكثوا في منازلهم استجابة وامتثالاً للإجراءات المعمول بها لمواجهة الوباء.
وقد بدأت الأحداث عندما طالب مجموعة من الأشخاص على منصات التواصل الاجتماعي عبر نداءات ومنشورات، من المغاربة بقراءة القرآن من على أسطح مساكنهم، -وهو الأمر المستحب-، لكن التهييج الديني الذي واكب هذه العملية واستغلال المقدس للتمرد على قرارات الدولة ومؤسساتها المسنودة من أغلب قوى المجتمع، دفع مجموعة من الأشخاص إلى الخروج إلى الشارع في صورة “سريالية” جعلت الجميع تحت وطأة الصدمة.
لابد أن الإنسان سيقف مذهولاً أمام ما حدث ليلة أمس، فبينما هناك رجال ونساء يقفون في الصفوف الأمامية بالمستشفيات المغربية لانقاد بلادنا، مهاجرين بأرواحهم لمواجهة الجائحة، خرج هؤلاء بإسم الدين لينشرو الجائحة أكثر بين المغاربة.
وتساءل العديدون بمجرد انتشار الفيديوهات التي توثق “مسيرات الجهل” أين اختفت قوات الأمن الموكول لها حسب بلاغ وزارة الداخلية حفظ حالة الطوارئ؟، كيف خرج هؤلاء المتهورون من منازلهم وخرجت الأمور عن السيطرة؟ وماذا لو تكرر الأمر في العديد من المدن الأخرى وانتقلت العدوى.
والأكيد أننا أمام وضع خطير وقد تزداد خطورته في القادم من الأيام خصوصاً أمام ارتفاع حالات الإصابة المؤكدة التي أعلنت عنها وزارة الصحة، وبلوغها رقم 104 إصابات، وعدم الامتثال للإجراءات التي تفرضها حالة الطوارئ الصحية، قد يجعلنا أمام الكارثة والتي لا يتمناها أي مغربي.