أخبار وطنيةالسياسيةجديد24سلايدر

إدريس جبري : المغرب شمس في قلبي، وفلسطين قمر في كفي

إدريس جبـري

في تفاعل مع تدوينة الأخت ثورية تناني، ولها في القلب دفئ الشمس، وضياء القمر…

 

في البدء استفزاز: تمنيت لو كان عنوان تدوينة الأخت الرفيقة ثورية تناني: الصحراء وفلسطين شمسان في كفي، أو الصحراء شمس، وفلسطين قمر في كفي… أو المغرب شمس وفلسطين قمر…  عوض فلسطين شمس في كفي… تحقيقا للتوازن بين المكون الوطني (المغرب) والبُعد القومي الإنساني(فلسطين)… وبالتالي دفعا لكل مقايضة مزيفة بين الصحراء المغربية وفلسطين الحبيبة، في سياق ما يجري اليوم في مغربنا الأحب…المغرب وطني، ذلك واقع حاصل، أحمل بطاقته الوطنية وحاضره وماضيه ومستقبله…  وفلسطين، وطن محتل للفلسطينيين، والنضال من أجل استرجاعه مشروع تاريخيا وقانونيا وإنسانيا، ولا أحمل بطاقته ولا جواز سفره، فهو قمر لا ينفصل عن الشمس، وليس هو الشمس في كل الأحوال…

نعرف بالفعل أنك ثورية تناني….مواطنة مغربية كذلك….لا شك في ذلك… وضريبة حبه ما تزال موشومة في خلاياك، رفقة الأخ الرفيق مرابطا في كل ساحة نضال….وأنت أيضا  ثوريا،  بالألف، ثوريا في مسارك التاريخي، ولا مزايدة فيه، ومن لم ير الثريا باديا عاليا كما الشمس في كفك المناضلة، فهو أعمى، أو “مجلجلة” عينيه ( فيه الجلالة، ليس بالمعنى الذي يمجه سمعك ووجدانك..، ولكن بمعناه الدارج، من الجللة…الله انجي الجميع منها، خاصة لما يصاب بها الشباب، وهي قدر الشيب)…وثورية كذلك،  دون تقليب، ثورية… وربما هذا قدر اسم تحملينه، أو حملتيه… ثورية الثريا ثورية… على كل من لا يقبل الحرية والكرامة والمساواة…. أو يمارس الظلم والاستغلال والاستيلاب، ومخرجاتها الأصلية، عند رفاقنا، من الصهينة، والامبريالية والعمالة و”التطبيع”….  والقائمة مفتوحة…

وإذا فككنا تناني، وتركنا التداعي الحر يتكلم، لستحضرنا تلقائيا، وبسرعة، كلمة التنين، برمزيته السرمدية  في التاريخ والجغرافيا والأسطورة .  وهو حيوان مركب، له مخالب أسد، وأجنحة نسر، وذنب أفعى…أسد+ نسر+ أفعى… (رموز عابرة للأديان والحضارات…)  وهو حيوان ليس ككل الحيوانات قاطبة، يوحي بالقوة والتحدي والشجاعة والسمو والعلو والتمرد والثورة…. ينفث النار ويحرق.. نار من  الشمس…أو من الجحيم… ولذلك، فهو رمز  الشر عند الغربيين وحضاراتهم، وهم مركز الصهيونية والإمبريالية، والعمالة والتطبيع…. وهم شر الشرور عند ثورية الثورية، في مقابل ذلك، فهو رمز الخير في آسيا، خاصة عند الصينيين، دولة الحُمر وشرارة نار الشيوعية، وحمرة السجاد، وربما مستقبلها المنظور… قبلة ثورية الثورية التقدمية اليسارية، وأفقها المطلوب…بعد ضياع كل الآفاق الحمراء.. في كوبا، وبوليفيا والفيتنام ، ونيكاراكوا، وفينيزويلا….

“فالرهان على التطبيع رهان خاسر هكذا قالت الحرائر والأحرار في كل أنحاء العالم، لأنه رهان على القتل، والإرهاب، وانتهاك الحرمات، والاعتداء على مقدسات الشعوب، واستغلال خيراتها، ونهب ثرواتها، وإبادة أبنائها وبناتها…” هكذا تكلمت ثورية الثورية التقدمية اليسارية، وهي تنفث نار الحرائر والأحرار في كل العالم…” أولا المغرب لم يطبع، بالمدلول السيء للمفهوم، ولكنه استأنف علاقات كانت مقطوعة لاعتبارات تعرفينها، وفي سياق تحولات نوعية في العالم وإبدالاته المعرفية والسياسية والاقتصادية، وعلى أساس وحدته الوطنية، وتحرشات النظام الجزائري وعدوانيته…ثانيا، في نظري البسيط، من راهن على التطبيع؟ وما هو هذا الرهان المقصود؟ المغرب الرسمي، على ما يبدو لي، ولست منه، في كل الأحوال، لم يراهن على استئناف العلاقات مع إسرائيل لأنها المنقذ من الفناء أو ما يشبه الفناء. سياسيا أو وجوديا أو هما معا.  فالمغرب بلد الأحرار/ الأمازيع… وجدوا قبل إسرائيل وقبل أمريكا…والجزائر…وسيظل موجودا، بنا أو نسلنا إلى يوم الدين، وإن كنا نؤمن بسيرورة التاريخ الذي يصنعه الإنسان… ومقررو اليوم هم صناع التاريخ المغربي في استكمال وحدته، وضمان أمنه، وفتح آفاقه الجديدة الأكثر حرية وديمقراطية وعدالة…ورهن قضية الصحراء المغربية بالقضية الفلسطينية، زيف في الطرح، وزيف في النتائج…وتعطيل لمسيرة التاريخ…

 لذلك أن يكون خاسرا أو رابحا، فرضية غير ذات معنى…من ناحية، ومن ناحية أخرى… ربط التطبيع بالقتل والإرهاب، وانتهاك الحرمات….وباقي المعجم، في حاجة إلى إعادة نظر وتدقيق..

“نعم أرفض التطبيع لمصلحة المغرب وشعبه، وشهدائه من أبناء العمال والفلاحين الفقراء الذين استشهدوا في الصحراء المغربية، ووفاء للمغاربة المقدسيين الذين هجروا، ودكت منازلهم في حارة المغاربة بالقدس… أرفض التطبيع من منطلق العداء للرأسمالية الاحتكارية والاستغلال الاقتصادي، ومن موقع وطني يرفض أن يكون المغاربة ذخرا لكيان استعماري صهيوني عنصري قائم على السطو والمحو..” هكذا تكلمت ثورية، ولحق الحق كل الحق في ذلك، من باب حرية التعبير وقدسيتهن لكن الاختلاف معها بعين موازين القوة، ومنطق الدولة ومصلحتها، لا يفسد للشمس دفئها.

إن ربط “التطبيع”، بالقتل والإرهاب، وانتهاك الحرمات.. وباقي ما ورد في تدوينتك من معجم  في هذا الاتجاه، في حاجة إلى تأمل وتدقيق وتسييج…ثم أيستقيم الرفيقة ثورية الثورية واليسارية والوطنية، ربط الصحراء المغربية، والذين استشهدوا فيها، ولا يمكن أن يكونا إلا من أبناء العمال والفلاحين…، باللغة الحمراء، في المغرب وغير المغرب…. بالتطبيع، أو استئناف العلاقات مع إسرائيل…فإقحام المقدسيين، وحارة المغاربة بالقدس… كلام مدخول…وحجة تدليسية… رفض تطبيع المغرب مع إسرائيل، من منطلق العداء للرأسمالية الاحتكارية والاستغلال الاقتصادي، ومن موقع… أي موقع… متهافت بلغة البلاغة. وكأن إسرائيل كانت موجودة بوجود الرأسمالية، متوحشة وغير متوحشة، استغلالية وغير استغلالية…. نعم الإنسان، أي إنسان، ضد السطو والمحو والاستعمار والعنصرية أنى كانت…. ولكن ربط ذلك بالوطنية المغربية، وربطه برغبة “أرفض أن تكون بلدي أداة توظفها أمريكا وحلفاؤها، وتوجهها ضد شعوب المنطقة”… في حاجة إلى نظر… كيف. أمريكا، توظف المغرب، أداة، ضد شعوب المنطقة؟ كيف؟ أي شعوب؟.. ما المقصود بها؟ .ولا جواب؟؟ جسد في المغرب وقلب في غير المغرب؟؟…

القضية الفلسطينية مشروعة، وحقها في دولة مستقلة مشروع… لكن ربط الوطن والوطنية، والمغرب وتامغربيت، والصلاح والفلاح والتحرر و… ضد الاستبداد والفساد مستحضرين سميح القاسم، ومحمود درويش وأبو عرب. وبمناهضي التطبيع مع العدو، فغير مؤسس، إلا في وجدان انقضت شروط استمراره…ورومانسية يسارية وخوانجية، الفارق بينهما، أن الأولى كانت صادقة مبدئية، والثانية تقية وانتهازية…مع ضرورة طرح سؤال افتراضي: ماذا لو كانت الرفيقة نبيلة منيب رئيسة للحكومة مكان سعد الدين العثماني في مثل هذا السياق ؟؟

ثم لم أفهم المقصود من الحضارة الصهيونية ما هي؟ ومن هم أشراف العالم وأشرارهم؟ وهل بالفعل يمكن اعتبار تلك الحضارة منحلة عديمة القيم؟؟؟؟وبأي معنى؟. صعب بالفعل أن تنشأ عن فكرة أو قضية، ولمدى عقود، ويأتي من يأتي، فيشدك بقوة في تلابيب قميصك، ويخبرك أنك كنت على خطأ تلك المدة الطويلة… صعب.. وصعب قبول “حقيقة” الواقع وصدمتها.. فنتشبت بقشة من الماضي، كمن يجرفه النهر ، وعلى حين غرة…صعب..

ثم الرجوع إلى التاريخ المغربي لشرعنة النضال من أجل فلسطين…فلا ينفي أن المغاربة عربا كانوا أم أمازيغ، هم مغاربة بخصوصية مغربية، ويناصرون اليوم وغذا كل القضايا الإنسانية المشروعة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، ولكن من موقع تمغربيت، ومصلحة المغرب وأفقه… بمنأى عن مرجعية الحرب الباردة، وحيثيات تاريخ الجمر والرصاص…وقومية جمال عبد الناصر….وثرثرة حسنين هيكل…ومزايدات بوخروبة…لقد توفي الحسن الثاني، وقبله محمد الخامس…

أما اتهام فصيل من المغاربة الأمازيع بالتخوين، فأمر خطير على لحمة البلد، قد يسقط الجميع في مستنقع عميق… فتهيمن لغة التخوين والتخوين المضاد ويضيع الوطن الجامع…فالمغرب أولا وأخيرا… ولا مجال للتخوين، وإذكاء نار الخلاف… بحجة أو أخرى…أما الجار والمحيط والصمود والتحدي فمجرد امتداد مطلوب للتعاون والتكامل…؟؟ فحد المزايدات والتخوين أعلى درجاته، قد يضيع المرجعيات، ويمسخ التاريخ، لما يحصل الانتقال، من القومي إلى الديني، ومن اللغة العربية إلى الإسلام… فيختلط الحابل بالنابل، ويحصل المسخ…من أعلى درجات سلمه المقايضة والمقايسة..

…” أنا وغيري من الوطنيين والوطنيات فسنظل مؤمنات ومؤمنين بأن ليس هناك مستقبل للمغرب إلا من خلال الانتماء لمحيطه المغاربي والعربي، وانتصاره لقضايا الشعوب وعلى رأسها الشعب الفلسطيني”.

جميل هذا الكلام، وهذا الختم المتفائل والمتوازن؟ ولكن كيف؟ لقد نغص جارنا الشرقي حياة المغاربة جميعهم، لعقود طويلة، دون جريرة مسوغة لذلك، وقايض المغرب بحفنة من المغررين بهم من الصحراويين (البوليزاريو) لأنه ارتهن بماض هم من صنعوه، وكانوا وراءه لحسابات الزمن البارد…وانخرط فيه قبلا، الأخت الرفيقة ثورية تناني، اليسارية والتقدمية والوطنية، محيطنا العربي، في مقدمتهم قيادتهم التاريخية والرمزية في فلسطين، من ياسر عرفات غفر الله له(1988)، إلى عبد الباري عطوان، إلى حنان عشراوي، وقادة حماس والخطيئة السياسية… ماذا فعلنا ضد إخواننا في فلسطين…؟؟

المغرب شمس في قلبي، وفلسطين قمر في كفي.. /.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المثمر
زر الذهاب إلى الأعلى