السياسية

بين النقد المسؤول وحملات التشويه: قراءة هادئة في استهداف رئيس الحكومة

بقلم. ذ. امحمد أقبلي

(من السوابق القضائية إلى المنابر الإعلامية… حين تتحول الاتهامات الجاهزة إلى أداة لتصفية الحسابات).

في خضم مشهد سياسي وإعلامي متشابك، تتعالى أصواتٌ تحمل اتهامات جاهزة لرئيس الحكومة عزيز أخنوش، بعضها صادر عن شخصيات ذات سوابق قضائية معروفة.

بين الأرقام الموثقة والحملات الموجهة، يطرح هذا المقال قراءة متأنية تميّز بين النقد المشروع والتشهير الممنهج، وتكشف كيف تتحول بعض المنابر إلى منصات لتصفية الحسابات بعيدًا عن الحقائق.

في الآونة الأخيرة، تصاعدت بعض الأصوات الإعلامية التي تحاول رسم صورة قاتمة ومشوّهة عن عمل رئيس الحكومة السيد عزيز أخنوش، مستندةً إلى مزيج من الانتقائية في عرض الوقائع، والمبالغات، والاتهامات الجاهزة التي لا سند لها في القانون أو المؤسسات. الأخطر أن بعض هذه الأصوات صادرة عن أشخاص لهم سوابق قضائية أو ملفات فساد أو تضليل إعلامي، يحاولون اليوم لعب دور “المُصلح” في الساحة العمومية(1).

> النقد حق مشروع وركن أساسي في أي منظومة ديمقراطية، لكن شريطة أن يُبنى على وقائع قابلة للتحقق، وأن يحترم قرينة البراءة، وألا يتحوّل إلى أداة لتصفية الحسابات السياسية أو الشخصية(2).

الإشراف على الانتخابات: تقليد مؤسساتي لا عزلاً سياسياً

إن تكليف جلالة الملك لوزير الداخلية بالإشراف التقني واللوجيستي على الانتخابات ليس سابقة ولا مؤشراً على تهميش رئيس الحكومة، بل هو تقليد مؤسساتي هدفه ضمان الحياد الكامل للعملية الانتخابية، وقد اتبع في حكومات سابقة(3). رئيس الحكومة، بمقتضى الفصل 47 من الدستور، يحتفظ بدوره السياسي والتنسيقي(1).
توزيع الأدوار الحكومية: منطق التدبير لا الإقصاء

الغياب عن بعض الاجتماعات الميدانية لا يعني إبعاداً، بل يعكس طبيعة العمل الحكومي المبني على تفويض الاختصاصات. برنامج الجيل الجديد من التنمية المجالية(10)، الذي حاول البعض استغلاله كدليل على “تهميش” رئيس الحكومة، مدمج ضمن الرؤية الشاملة وقانون المالية، وتحت إشرافه المباشر عبر التوجيه السياسي وضبط الأولويات.

الاتهامات الفردية: الخلط المتعمد بين الشخصي والمؤسساتي

من غير المقبول مؤسساتياً تحميل الحكومة أو رئيسها تبعات قضايا فردية، خصوصاً إذا كانت:

1. ما زالت أمام القضاء ولم تصدر فيها أحكام نهائية.

2. أو غير موجودة أصلاً في أي مسطرة قضائية(11).

والأدهى أن بعض من يطلق هذه الاتهامات كانت لهم ملفات قضائية سابقة، ما يضع علامات استفهام حول دوافعهم الحقيقية. من أراد المحاسبة فالمسار القانوني واضح، أما التشهير الإعلامي فليس أداة إصلاح(2).

تضارب المصالح والرقابة المؤسسية

الفصل 36 من الدستور المغربي واضح في منع تضارب المصالح(1). الحكومة الحالية عززت هذا المبدأ عبر مدونة سلوك ملزمة للوزراء، وأخضعت الصفقات العمومية لرقابة مجلس المنافسة(3) والمجلس الأعلى للحسابات(2)، ما يوفر آلية شفافة لمراقبة أي تجاوزات. من يملك أدلة، فالمؤسسات الرقابية مفتوحة أمامه، لا صفحات التواصل الاجتماعي.

الحصيلة الملموسة بالأرقام:

رغم الظرفية الدولية الاستثنائية (جائحة كورونا، الحرب في أوكرانيا، الجفاف المستمر)، سجلت الحكومة الحالية ما يلي:

– خفض التضخم من 6.6% سنة 2022 إلى أقل من 1% نهاية 2024(5)(8).

– رفع الاحتياطي من العملة الصعبة إلى 40.2 مليار دولار(5).

– توسيع التغطية الصحية الأساسية من 11.9 مليون مستفيد سنة 2022 إلى 17 مليون نهاية 2024، بزيادة 43.5%(6).

– تراجع معدل الفقر من 11.9% سنة 2014 إلى 6.8% سنة 2024(4).

– إطلاق خطة لخفض البطالة من 13.3% إلى 9% بحلول 2030، بخلق 1.45 مليون فرصة عمل وميزانية 15 مليار درهم(9)(11).

هذه المؤشرات، الموثقة من مؤسسات وطنية ودولية، تعكس توازن العمل الحكومي بين مواجهة التحديات الظرفية وتنفيذ المشاريع الاستراتيجية(7).

بين النقد والتشهير: الفارق جوهري

محاولات تصوير رئيس الحكومة كـ”مُبعد” أو “مشلول” سياسيًا هي قراءة مبتورة تتجاهل النص الدستوري وتجارب الحكومات السابقة(1). الأداء يُقاس بالحصيلة الميدانية والبرامج الواقعية، لا بلقطات اجتماعات أو تدوينات موسمية(12).

خاتمة:

في السياسة كما في القانون، الحجة القائمة على الأرقام والوقائع أقوى من الضجيج. والحكومة الحالية مستمرة في تنفيذ التزاماتها وفق التوجيهات الملكية السامية، مع احترام الدستور والمؤسسات. أما من اختار منطق الإثارة والتشويه، فالقضاء يبقى الفيصل، والتاريخ لا يحابي أحدًا. 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المثمر
زر الذهاب إلى الأعلى