استنفار بوزارة الداخلية بعد رصد فوضى في تسيير المجالس الجماعية

في ما يشبه استنفارا عاما داخل وزارة الداخلية، كشفت مصادر مطلعة عن توصل المصالح المركزية بمحاضر الدورات العادية لشهر أكتوبر 2025 لمجموعة من المجالس الجماعية، أظهرت مؤشرات مقلقة تتعلق بـ«فوضى في التسيير»، واحتجاجات من قبل مستشارين من الأغلبية والمعارضة على حد سواء.
فالمحاضر، وفقاً للمصادر ذاتها، وثّقت حالات مقاطعة لعدد من اجتماعات الدورات احتجاجاً على ما اعتُبر «فبركة لبنود الميزانيات» بهدف إخفاء فشل التدبير المحلي، بعد اعتماد وثائق مالية «مبتورة» من فصول أساسية، أبرزها تلك المرتبطة بحصص الجماعات من الضريبة على القيمة المضافة.
وأوضحت المعطيات أن عدداً من محاضر الضبط سجّلت مخالفات قانونية واضحة في مشاريع ميزانيات السنة المقبلة، إذ تبيّن أنها لا تحترم مقتضيات القانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات، كما أنها تفتقر إلى الواقعية، بعدما رفض مستشارون مناقشتها دون تسوية ميزانيات السنوات السابقة.
وتحدثت المصادر عن عجز قياسي في ميزانيات بعض الجماعات، رغم إدراج «فائض تقديري» داخل الوثائق الرسمية، وهو ما وصفته المعارضة بـ«التحايل على الرأي العام المحلي».
كما نبّهت التقارير إلى اختلال التوازن بين تقديرات المداخيل والنفقات، وغياب الالتزام بالنفقات الإجبارية، مقابل «نفخ غير مبرّر» في تقديرات المداخيل.
وأبرزت ذات المصادر أن وزارة الداخلية توصلت بتقارير موازية تفيد بأن الارتجال، والتسرع، وضعف الخبرة ساهمت في إخراج مشاريع ميزانيات «مشوّهة» في عدد كبير من الجماعات، خصوصاً على الامتداد الحضري بين الرباط والجديدة مروراً بالدار البيضاء والمحمدية.
وبحسب القانون رقم 45.08 المتعلق بالتنظيم المالي للجماعات المحلية ومجموعاتها، فإن سلطة الوصاية تملك صلاحية مراجعة مشاريع الميزانيات داخل أجل أقصاه 20 نونبر من كل سنة، مع تحديد مدة 15 يوماً لتسجيل الملاحظات.
وحتى أواخر أكتوبر، ما تزال حوالي 95 في المائة من الجماعات تنتظر التأشير النهائي من الولاة والعمال، إما للشروع في العمليات اللاحقة أو لعقد دورات استثنائية جديدة لإعادة الدراسة وفق أسباب الرفض المعللة.
كما تبيّن أن عدداً من مشاريع الميزانيات لم تُرفق بالبيان المالي الممتد على ثلاث سنوات، ولا بالقوائم التركيبية للوضعية المالية للجماعة، رغم أن ذلك منصوص عليه بقرار من وزير الداخلية.
وتشير محاضر الضبط إلى أن بعض الرؤساء لم يحترموا مقتضيات المادة 24 من القانون التنظيمي، بسبب ضغط الوقت أو ضعف التجربة، خصوصاً ما يتعلق بتحقيق التوازن المالي الحقيقي وتسجيل النفقات الإجبارية.
في المقابل، يعكف الولاة والعمال حالياً على فحص دقيق لمشاريع الميزانيات، للتأكد من انسجامها مع التوجهات العامة للدولة في ظل ظرفية اقتصادية صعبة، تتطلب تعبئة كافة الجماعات الترابية لتقديم عرض مالي متوازن وفعّال يستجيب للحاجيات الأساسية للمواطنين دون المساس بالتوازنات الكبرى.
وأفادت مصادر أن وزارة الداخلية شددت تعليماتها على ضرورة الصرامة في مراقبة الميزانيات، وحثّت الولاة والعمال على عدم التساهل مع الأخطاء أو التجاوزات، مع إلزامهم بإعادة المشاريع غير المطابقة إلى الجماعات المعنية قصد التصحيح.
كما ذكّرت الوزارة في مذكرتها التوجيهية الصادرة منذ شتنبر الماضي بضرورة ترشيد النفقات، ورفع نجاعة الاستثمارات، سواء في مرحلة إعداد الميزانية أو أثناء تنفيذها، لضمان حكامة مالية مسؤولة على المستوى الترابي



