بنيوب:”المبادرة المدنية من أجل الريف” تستحق التفاعل المؤسساتي معها
أكد تقرير المندوب الوزاري المكلف بحقوق الإنسان أحمد شوقي بنيوب، حول “أحداث الحسيمة وحماية حقوق الإنسان”، أن مبادرات الفاعلين المدنيين بشأن هذه الأحداث تستحق التفاعل والتواصل المؤسساتي معها، إذ تعبر عن إرادة مدنية متسمة بالحيوية ومقدمة في إطار حرية الفكر.
واعتبر التقرير، الذي قدمه بنيوب اليوم الخميس، أنه من باب الإنصاف والاعتبار التوقف عند القيمة المضافة لأدوار الفاعل المدني، مبرزا أن كل مبادرة على حدة، انفردت بطابعها الخاص والمميز، مبرزا أن أحداث الحسيمة أثبتت قدرته على التفاعل الديناميكي، بمناسبة الالتقاء في أشكال تنسيقية، موسعة، على قاعدة الانسجام الثقافي، وكذا الحيوية البالغة الأهمية والقدرة على التحرك الميداني.
وأوضح، في هذا الصدد، أن “المبادرة المدنية من أجل الريف” أولت أهمية خاصة لقضايا وموضوعات تتصل بحفظ الذاكرة ومواصلة المصالحة، من منظور توصيات هيأة الإنصاف والمصالحة، كما أولت عناية خاصة بإثارتها لأبعاد التحليل السوسيو-ثقافي في مقاربة الأحداث، ولم تتردد في تسجيل كون ” ليس هناك مجال لاستبعاد مطلق لمخططات خارجية محتملة، قد تهدف إلى الرغبة في إزاغة قطار الحركة الاجتماعية المطلبية بالريف عن سكته، خدمة لأجندات ومصالح غير معلنة”.
وأضاف أن هذه المبادرة أولت كذلك أهمية خاصة ضمن توصياتها لما يتصل بدور البحث العلمي في سبر الظواهر الجديدة المرتبطة بالحركات الاجتماعية.
وبدورها، يضيف التقرير، أعطت “مجموعة الديمقراطية والحداثة”، أهمية خاصة للمعطى السوسيو- ثقافي، من منظور التدابير المتعين القيام بها على مستوى تسريع وتيرة النمو، وما يتصل “بإيجاد الحلول لمشاكل البنية التحتية”، كما توقفت عند أهمية التدابير المتعين اتخاذها صونا للذاكرة، وبذات الدرجة، ما يخص “البعد التاريخي الذي يتميز بالتمرد والمواجهة وميول هوياتي قوي”.
من جانبه، ركز الائتلاف المغربي لحقوق الإنسان، في إطار تحليله لحالة حقوق الإنسان، على مؤاخذات تطال الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، فضلا عن التأكيد على مواصلة تنفيذ توصيات هيأة الإنصاف والمصالحة ذات الصلة بالمنطقة.
وحسب نفس الوثيقة، تميز تقرير الفيدرالية الوطنية للجمعيات الأمازيغية بالمغرب، بعمقه عند مقاربته لما يتصل بإعمال القواعد والضوابط والتدابير المتعلقة بتفعيل اللغة والثقافة الأمازيغية، على صعيد الحسيمة والريف، في كافة المجالات، مما مثلت معه توصياته قيمة مضافة تتأكد معها أهمية الخبرة المراكمة في هذا المجال.
وخلص التقرير، في هذا الصدد، إلى أن التقييمات المبلورة على صعيد المبادرات المدنية ذات القيمة المضافة، تساعد على استئناف التفكير في أبعاد مواصلة المشروع التنموي وتدابير المصالحة مع الذاكرة والمجال.
وفي ما يتعلق بالبحث العلمي وأحداث الحسيمة، أبرز التقرير أن قراءات رصينة لباحثين جامعيين تساعد على رسم خطوط تقييم مستوى “سلمية” التظاهرات التي عرفتها أحداث الحسيمة ونطاقها وامتداداتها، معتبرا أن الاقتصار على زوايا النظر والجدل للنظام العام في علاقته بالأحداث والحق في التجمهر، لا يكفي لرصد عمق وبعد ما جرى، في ضوء متطلبات ممارسة الحقوق والحريات المكفولة دستوريا، ومستلزمات السلم المدني والعيش المشترك المكرسين بمقتضياته وأحكامه.
وأوضح أن أهمية بعض القراءات للأحداث تتجلى في كونها تتوخى الموضوعية في اعتمادها أدوات منهجية، يفرضها البحث في الوقائع الاجتماعية ذات الطبيعة أو الخلفيات أو الأبعاد السياسية، وتزداد وثوقية الخلاصات البحثية المتوصل إليها بموجب الاستشهادات المستدل بها، من كونها صادرة عن باحثين أبناء المنطقة، ومن المشتغلين في مراكز جامعية قريبة منها أو متخصصين في مجال الدراسات الاجتماعية.
وحسب المصدر ذاته، فإن سلامة الأدوات العلمية المعتمدة أو المرجحة لا تتعارض مع الآراء الفكرية والسياسية لأصحابها، حتى ولو كانت منحازة “للحراك”، مادامت تتوخى رصد الوقائع والأشكال والامتدادات، وترجيح القواعد العلمية والتخصص في العلوم السياسية والتاريخ الراهن عند الرجوع للأبحاث.
ويتضمن تقرير بنيوب ستة أقسام هي وقائع ومعطيات نوعية، محاكمة الدار البيضاء وضمانات المحاكمة العادلة، أعمال وجهود السلط والمؤسسات الدستورية، اللقاءات التواصلية ومبادرات الفاعلين المدنيين، مستخلصات حول السياق والتظاهر والذاكرة والمجال، إضافة إلى استنتاجات وتوصيات.