سلايدرقضايا وحوادث

الصحافي مصطفى الحسناوي يغادر المغرب ويطلب اللجوء بالسويد ويرفض استغلال قضيته لتصفية الحسابات

أعلن الصحافي مصطفى الحسناوي يوم الأربعاء الماضي، أنه غادر المغرب إلى دولة السويد طالبا اللجوء بهاته الدولة الأوروبية الإسكندنافية، دون أن يذكر أي سبب أو توضيح.

حيث جاء في أول تدوينة نشرها بخصوص هذه القضية على جدار حسابه في فيسبوك: “خبر طلب اللجوء السياسي، إلى السويد، صحيح.

لم أكن أريد إعلانه، لكنه تسرب.

لن أضيف أي شيء آخر، هذه اللحظة.

سأتحدث في الأمر مستقبلا.

تمنوا لي التوفيق“.

وقد تفاعل أصدقاؤه ومتابعوه مع تدوينته كل حسب ردة فعله، فمنهم من بارك خطوته ودعا له بالتوفيق، ومنهم من عاتبه، ومنهم من استنكر عليه اتخاذ مثل هذا القرار الصعب في مسار حياة أي إنسان.

ثم نشر أمس الجمعة 06 شتنبر 2019، تدوينة عنونها بـ”دموع البعد والرحيل“، وقد ذيلها بأنه كتبتها من مركز اللجوء بستوكهولم، وهذا نصها: “دموع زوجتي وأختي، حين اتصلت بهما بعد وصولي لاستوكهولم، طالبا اللجوء السياسي، وعلمتا أني لا أنوي الرجوع للمغرب، دمرت معناوياتي وأصابتني باكتئاب وحزن شديد.

قالت لي أختي وهي تبكي، ليس من حقك اتخاذ هذا القرار، لست وحدك في هذا العالم، أنت جزء منا كلنا، ليس من حقك أن تغادر، دون أن تستشيرنا، ليس من حقك أن تمنعنا من لقائك ورؤيتك، ليس من حقك أن تذهب وقتما تشاء.

زوجتي كانت تبكي صامتة، بكاء مرا، أحسست به مثل نزيف داخلي، يقطع أحشاءها.

صدمة أخي وابنة أختي، وهما يتكلمان معي.

حزن عدد من أصدقائي، ومطالبات بعضهم لي بالعدول عن القرار، والرجوع فورا للمغرب.

كل هذا جعلني أقضي يوم أمس، في حزن وكآبة وضيق وهم وغم.

هل كنت جبانا وأنا أغادر المغرب؟

أم كنت شجاعا، وأنا أنفصل عن جذوري، وأتخلى عن كل شيء؟

مهما كان الجواب، فقد كنت مضطرا، لهذه الخطوة.

الأمر ليس بالسهولة التي كنت أتوقعها، ثاني يوم لي في السويد، يمر حزينا، فقد قطعت الصلة بكل شيء في وطني.

لكن هناك دائما أمور، نضطر للقيام بها، للتضحية بها، تمنيت أن أبقى في بلدي إلى أن أدفن فيها، بين حضن ودفء عائلتي، لكن الظروف القاهرة، تجعلك تغامر حتى بحياتك إذا اقتضى الحال.

أعتذر لك زوجتي إبني أختي أخي ابنة أختي أصدقائي زملائي، لم أكن أنانيا ولا جبانا ولا شجاعا، بل كنت مضطرا فقط.

لا أدري متى يمكنني أن أراكم، ولامتى سأحضنكم، لكن تأكدوا أني سأكون بخير، أكثر بكثير مما لو بقيت بجانبكم.

اليوم كانت أولى مقابلاتي، لدراسة الملف، ولايزال المشوار طويلا.

أتمنى فقط أن تسير إجراءات الطلب، بسلاسة وكما يجب، وألا تتدخل جهات أخرى، لإجهاضها وعرقلتها، وإرجاعي للمغرب مهانا ذليلا.

الصحافي مصطفى الحسناوي“.

المعلقون مرة أخرى اختلفوا في ردة فعلهم كما في السابق، وإن كان أكثرهم دعوا معه بالتوفيق، ورحبوا بخطوته، في ظل موقف جمعي لدى عدد كبير من المغاربة في الرغبة في هجر الوطن، والبحث عن فضاءات أكبر للحرية وتقدم خدمات تصون كرامة المواطن.

خبر مصطفى تناولته العديد من المواقع والمنابر الصحافية، بالإضافة إلى عدد من الوجوه المعارضة خارج المغرب، والتي وظفت سفر الحسناوي وطلبه اللجوء لمهاجمة النظام المغربي، وهو ما جعله ينشر اليوم تدوينة جديدة، عنونها بـ”توضيحات على هامش الرحيل“، جاء فيها:

حين عزمت على الرحيل من بلدي، والهجرة من وطني، لم أفعل ذلك لأصبح بطلا، أو معارضا، أو منتقما، أو أن أبحث عن وضع مريح، أو مجد تليد.

هربت لسبب وحيد ووجيه، أحسست بعدم الأمان، بل بالخطر، على حياتي وحريتي، وقد لدغت سابقا من هذا الجحر، وأديت الثمن، ولست مستعدا لتكرار نفس التجربة المريرة.

خاصة أني حين لدغت، لم أجد معينا، بل تنكر لي أغلب من دافعت عنهم، وشيطنوني وهاجموني.

لقد كنت دائما وأبدا، صادقا في قناعاتي ومواقفي وقراراتي، أفكر بصوت مرتفع، أعلن ما أعتقد، لست متملقا ولا متلونا ولا مداهنا لا أجامل أو أمارس التقية، واضح وضوح الشمس.

لذلك سأبقى كما كنت، ما كنت أعلنه هو ما سأظل أعلنه، ما كنت أتحفظ على قوله، سأبقى متحفظا على قوله، ما كنت أخشى من الخوض فيه، سأبقى متخوفا من الخوض فيه، بكل أخلاق الفرسان النبلاء، وشهامة الرجال الأصلاء، بعيدا عن أفعال الجبناء، الذين إذا استقووا فجروا أو كذبوا.

لست هنا لأستقوي على أحد، ولا لأنتقم من أحد، ولا لأصفي حساباتي مع أحد، أنا هنا لأحمي نفسي وعائلتي وشرف مهنتي فقط.

كنت وسأبقى محبا لوطني وشعبي، محترما للقوانين والمؤسسات، مستنكرا مهاجما ما يقع خارج القوانين والمؤسسات، مما لم أستطع الصبر عليه، ولا تغييره، ولا مقاومته، ولا الوقوف في وجهه.

لست هنا لتشجيع فوضى، أو إثارة نعرات، أو إذكاء حروب ومواجهات، لست مع المس بالمؤسسات والشخصيات، خارج القوانين والمواثيق الدولية، لست هنا إلا لحماية نفسي أولا، وإثارة الانتباه لقضايا الحقوق والحريات، وعلى رأسها حرية الصحافة واستقلاليتها، وحرية الرأي والتعبير.

وأرفض استغلال قضيتي لخدمة أهداف غير التي ذكرت.

لذلك أنا لست مسؤولا ولا معنيا إلا بما أكتبه على حائطي.

المنابر التي تريد أن تكتب عن قضيتي، عليها الاعتماد على ما أنشر على حسابي، أو على تصريحات مني مباشرة، وأي جهة أو مصدر آخر، يتم اعتماده في هذه القضية، فلست أجيزه ولست مسؤولا عنه“.

يذكر أن الصحافي مصطفى الحسناوي سبق واعتقل سنة 2013، وحكم عليه بأربع سنوات سجنا نافذا قبل أن تخفض المدة لثلاث سنوات في مرحلة الاستئناف، بتهم تتعلق بملف الإرهاب، وهو ما تبرأ منه، وصدرت أيضا في حقه مذكرة من الأمم المتحدة تؤكد أن اعتقاله إنما كان بسبب كتاباته وعمله الصحفي ونشاطه الحقوقي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المثمر
زر الذهاب إلى الأعلى