جديد24سلايدر

الرحيل والنزوح

اين ما اتجهت في الرباط أو الدار البيضاء خلال الأسبوع الماضي ستلاحظ مشهداً متكرراً. سيدة وزوجها ومعهما أطفالهما يجرون حقائبهم . هناك احتمالان إما أنهم متجهون الى محطة قطار أو حافلات، أو انهم وصلوا للتو من سفر وهم في طريقهم نحو مسكنهم.
المشهد عادي، إذ كانت هناك عطلة قصيرة إضافة إلى عطلة مدرسية. بيد أن بعض المظاهر تسترعي الانتباه في هذا المشهد المتكرر.كثيرون تبدو على ملامحهم حالة من التوتر وفي بعض الأحيان جرعة نرفزة زائدة. واللافت للإنتباه إلى أنهم إلى جانب الحقائب المجرورة،يحملون معهم حقائب صغيرة لا اعرف ماذا يضعون بداخلها، والاعتقاد السائد أن الناس لا تحتاج إلى الكثير طالما انها عطلة قصيرة.لاحظت مثلاً أن أسرة كانت في طريقها نحو محطة أكدال في الرباط ، تتكون من زوجة وزوجها وأربعة اطفال ورضيع. يحملون جميع حاجياتهم الشخصية في ثلاث حقائب صغيرة، من ذلك النوع الذي يمكن أن تدخل به الطائرة ولا تحتاج ان تضعه مع الحقائب.
ترافقني شخصياً حقيبة مجرورة فيها الكثير من الدروس وكتاب وبعض الصحف التي أحملها يومياً ، ولكن في الغالب أعود بها من رحلة الذهاب والإياب دون حتى أن اتصفحها. أتساءل لماذا نحمل معنا من الحقائب ما يجعلنا نشكو بإستمرار من التعب، حتى عندما تكون وجهتنا مدينة قريبة. إذا افترضنا أن أسرة من الدار البيضاء والرباط تتكون من سبعة افراد متجهة الى أحد مدن الجنوب أو الشمال، لتمضي هناك أياماً
كم يا ترى عدد الحقائب التي سيحملونها معهم.
لاشك سيكون لك فرد حقيبتين كحد أدنى وأظن أنهم سيكدسون داخل هذه الحقائب كل شيء بما في ذلك مواد غذائية تحسباً وإحتياطاً. أعتقد ان الأمر يتعلق” بثقافة” نحن عندما ننتقل من مكان الى آخر نتحرك بعقلية “الرحيل والنزوح” لذلك نأخذ معنا كل ما يخطر على البال، و نحتاط لكل شيء بما ذلك حتى حدوث “مجاعة”.المؤكد أن عادات وتقاليد الغربيين، ليست هي عاداتنا وتقاليدنا، ومستوى التطور الاجتماعي والاقتصادي لا يقارن. لكن هناك أموراً ايجابية يفترض أن نفكر فيها. وسنجد أن بالإمكان تطبيقها.
على سبيل المثال كنت شاهدت قبل سنوات في الصويرة بمناسبة مهرجان موسيقى” كناوة” شباناً رائعين من عشاق هذا المهرجان هبطوا الى الصويرة من مدن بعيدة، كانوا يحملون على ظهورهم حقائب من النوع الخفيف. يبقون في المدينة لمدة أسبوع، يحضرون الأمسيات الموسيقية والندوات. ملابسهم قد لا تكون أنيقة لكنها نظيفة.
أختم وأقول، حقائب كثيرة أو قليلة هل هذه هي القضية.
نعم هي أشياء بسيطة لكنها تؤشر على أمور مهمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المثمر
زر الذهاب إلى الأعلى