سلايدرقضايا وحوادث

حقوقيون يَرسمون صورة قاتمة عن الوضع الحقوقي بالمغرب

جديد24

رسمت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان صورة قاتمة عن وضع الحريات العامة في المغرب خلال فترة جائحة كورونا وإعلان المغرب حالة الطوارئ الصحية، في تقريرها الموضوعاتي حول موضوع ’’واقع الحريات العامة بالمغرب خلال سنة 2021‘‘، في الندوة الصحفية التي خُصصت لعرض التقرير، اليوم الخميس.

وجاء في التقرير أن جائحة كوفيد-19 أظهرت “هشاشة وضعف الضمانات الدستورية للحقوق والحريات. فبالرغم من التعديلات التي عرفها دستور 2011، عبر إفراد باب خاص بالحقوق والحريات الأساسية، إلا أن الممارسة اليومية لأجهزة الدولة كانت متناقضة مع هذه الالتزامات”.

وأضافت الجمعية أنه “منذ بداية الجائحة، حذرت مفوضية الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان، من استغلال حالات الطوارئ من طرف الدول للتراجع عن المكتسبات الحقوقية، ونادت بمراعاة وإدراج البعد الحقوقي خلال التصدي لكوفيد-19، وقد صنفت المفوضية السامية لحقوق الإنسان، حينها، المغرب ضمن 15 بلدا، استغل قوانين الطوارئ، التي طبقت بسبب فيروس كورونا، لسحق المعارضة والسيطرة على الناس”.

وتابع التقرير “وبرز هذا التناقض بشكل أشد مع تواتر حالات تعنيف المواطنات والمواطنين بشكل مهين ومشين، وقمع ومنع التظاهرات، وتواصل الاعتقالات التعسفية، وإصدار مجموعة من القرارات الجائرة، آخرها فرض جواز التلقيح للولوج للمحاكم، الذي يعتبر مسا بليغا بحقوق المرتفقين؛ من متقاضين، وموظفين، بل وبجهاز القضاء نفسه، بعد منع المحامين وبعض القضاة في سابقة من نوعها، من ولوج المحاكم”.

وإلى جانب التأطير الحقوقي والقانوني لحالة الطوارئ الصحية أبرز التقرير، ’’تأثيراتها على الحريات العامة، مسجلا الانتهاكات التي طالت المجالات التي ركز عليها؛ وهي حرية الرأي والتعبير، حرية تأسيس الجمعيات والحق في التنظيم، والحق في التجمع والتظاهر السلمي‘‘.

ويرصد التقرير البعد المتعلق بحرية الرأي والتعبير، مشيرا إلى أن ’’الدولة المغربية حاولت استغلال الجائحة لتمرير مشروع قانون رقم 22.20 المتعلق باستعمال شبكات التواصل الاجتماعي، الذي اتسمت مواده بفرض قيود واسعة على حرية الرأي والتعبير على الإنترنت، وتشديد الرقابة على المدونات ومواقع التواصل الاجتماعي، في تعارض تام مع الالتزامات الدولية في مجال حقوق الإنسان، والذي جرى التراجع على مناقشته، وتأجيل النظر فيه، تحت ضغط الرأي العام المغربي ونتيجة للحملات الواسعة ضد هذا القانون‘‘.

في سياق آخر، حسب تقرير الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، ’’ومباشرة بعد إعلان حالة الطوارئ الصحية قامت النيابة العامة بتحريك مسطرة الاعتقال والمتابعة في حق مئات الآلاف من المواطنين والمواطنات، بتهمة خرق إجراءات حالة الطوارئ الصحية. فحسب وزارة الداخلية تم تسجيل توقيف مليون و530 ألف مواطن بسبب خرق حالة الطوارئ الصحية، خلال المدة الفاصلة بين 25 يوليوز 2020 و22 أبريل 2021؛ حيث جرى تقديم 280 ألفا منهم أمام القضاء، أي ما يفوق 18%. وقد يكون هذا من ضمن أسباب اكتظاظ السجون وارتفاع عدد المعتقلين في السجون بنسبة 5% مقارنة مع السنة الفارطة. وهذا التوجه نحو مزيد من الاعتقالات يناقض ما دعت له المفوضية السامية لحقوق الإنسان والأمين العام للأمم المتحدة بالعمل على تخفيض نزلاء السجون، كتدبير من المفروض أن يدرج ضمن تدابير مواجهة الجائحة‘‘.

وسجل التقرير، ’’ أن المغرب شهد في عام 2021 تراجعا استثنائيا وغير مسبوق فيما يخص حريّة الرأي والتعبير، والإعلام والصحافة والتدوين؛ إذ استمرت الاعتقالات والمحاكمات التي طالت الصحافيين والمدونين، في إطار سياق سلطوي متسم بالقمع والتضييق على الحريّات الإعلامية، إضافة إلى استمرار “صحف” ومواقع” التشهير”، التي تعلن صراحة ولاءها للسلطة وأجهزتها الأمنية، في مهاجمة الصحافيين المستقلين والمدافعين عن حقوق الإنسان بشكل عام، دون أن تتعرض لا للمحاسبة ولا للمساءلة. وقد صنفت منظمة “مراسلون بلا حدود” المغرب في المرتبة 136 من أصل 180 بلدًا وفق التصنيف العالمي لحرية الصحافة لعام 2021‘‘.

وتابعت الجمعية كذلك في هذا السياق، منع الأساتذة المتعاقدين من التظاهر، وممارسة العنف ضدهم، وتعريضهم للاستعمال المفرط للقوة أثناء فض احتجاجاتهم، واعتقال العديد منهم ومتابعة بعضهم قضائيا بتهم التظاهر غير المرخص والتجمهر، حيث سجلت الجمعية بهذا الخصوص 16 حالة.

وسجلت الجمعية أيضا منع العديد من الوقفات، التي تمت الدعوة لها تخليدا للذكرى العاشرة لانطلاق 20 فبراير، في 21 مدينة مغربية، وما صاحبها من تعنيف للمحتجين وتوقيف لبعض المتظاهرين، في حين جرى، بمناسبة اليوم الدولي لمحاربة الفقر، الذي يصادف 17 أكتوبر من كل سنة، منع الوقفات التي دعت لها الهيئات الحقوقية بـ5 مدن.

وقد دونت منظمة غالي، حسب تقريرها، “170 حالة اعتقال ومتابعة منها تلك التي صدرت بشأنها أحكام، وهي حالات مست عددا من الصحافيين والمدونين، والمدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان، ونشطاء الحركات الاجتماعية، وخاصة الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد؛ أو على إثر الأحداث الاجتماعية التي عرفتها مدينة المضيق، وقبيلة الزركان بإقليم جرسيف، ومدينة كلميم، وقلعة مكونة وبومالن دادس؛ أو عقب الاحتجاجات الرافضة لفرض جواز التلقيح بكل من مراكش وطنجة”.

وفي ما يتعلق بحقوق تأسيس الجمعيات، سجلت الهيئة في تقريرها، أنه ’’رغم تزايد عدد الجمعيات، الذي وصل إلى حدود نونبر 2021، إلى ما يفوق 200 ألف جمعية، وبالرغم من تنصيص الدستور على الحق في تأسيسها، فإن العديد من الجمعيات تجد صعوبات عند التأسيس، أو حين إعادة تجديد هياكلها الوطنية والمحلية، وتواجه قيودا وحصارا غير قانوني للحد من فاعليتها؛ ويتعلق الأمر، بصفة خاصة، ببعض الجمعيات العاملة في المجال الحقوقي، والتي تعتبرها السلطات مزعجة، لأنها غير موالية أو مسايرة لخطاب الدولة‘‘.

وربطت الجمعية بين خطاب وزير الداخلية الأسبق أمام البرلمان وزيادة التضييق، ’’بتاريخ 15 يوليوز 2014، ارتفعت حدة العوائق والتأويلات المغرضة في تفسير القانون بشكل تعسفي، مما أتاح للسلطة الإدارية عرقلة تأسيس وإعادة تجديد، مكاتب عدد كبير من الجمعيات، ومنع أنشطة العديد منها‘‘.

ورصدت المنظمة الحقوقية استفحال التضييق مع إعلان حالة الطوارئ الصحية، ’’تفاقمت ممارسات منع الدولة وأجهزة السلطة الإدارية لعمل الجمعيات المناضلة بصفة خاصة؛ كما أن حق الاستفادة من القاعات العمومية أصبح أمرا غير ميسر للجمعيات، بمبرر الإجراءات الاحترازية لمواجهة الجائحة، دون وضوح المعايير في هذا الشأن؛ حيث أن عددا من التنظيمات تمكنت من استعمال القاعات العمومية في ظل سريان قوانين الطوارئ‘‘.

وشددت الجمعية على ارتفاع عدد التدخلات الأمنية مع سريان حالة الطوارئ الصحية، ’’ومع سريان حالة الطوارئ الصحية، أصبح التدخل العنيف للقوات العمومية، والمنع والقمع قاعدة أساسية بمبرر الحفاظ على النظام العام والصحة العامة، وهكذا، عرفت أشكال الاحتجاج السلمي (التجمع، التظاهر، المسيرات، الإضرابات، الاعتصامات، الاحتجاجات الجماهيرية)، تدخلات للسلطات المكلفة بإنفاذ القانون، قامت بموجبها بانتهاك المبادئ والقواعد الدولية الخاصة بذلك، وأساسا المبادئ العشر بشأن التجمعات السلمية؛ حيث تم تحويل حالة الطوارئ الصحية إلى حالة استثناء غير معلنة، لم تحترم خلالها الدولة بصورة عامة مبدأي الضرورة والتناسب، أو ما يسمى بمبادئ سيراكوزا ‘‘.

وتابعت أجهزة الجمعية، بهذا الخصوص ’’استناد الدولة إلى عبارات غامضة وفضفاضة لمنع التجمعات السلمية؛ إذ غالبا ما يتم المنع دون أي إجراء قانوني بشكل مباشر، وأحيانا يتم الاستناد إلى مصطلح “النظام العام”، بشكل معزول، يفرغه من مضمونه العام المتسم بحسن تدبير المجتمع واحترام القواعد الأساسية التي تقوم عليها الحياة الديمقراطية، بما فيها احترام حقوق الإنسان وضمنها الحق في التجمع السلمي‘‘.

كما وقفت على ’’استعمال أسلوب تطويق التجمعات السلمية ومنع الالتحاق بها، وإغلاق المنافذ المؤدية إلى مكان التجمع، مما يشكل عقابا للمحتجين، ومسا بالحق في التجمع السلمي، وأيضا انتهاكا لحقوق أخرى، بفعل الاحتجاز التعسفي وعرقلة حرية التنقل، وتفريق التجمعات بشكل مستمر وممنهج في بعض المدن، وليس كتدبير استثنائي، والاستعمال المفرط والعشوائي للقوة، بدون أي مبرر، ودون الامتثال للمبادئ الأساسية الواردة في المادتين 6و7 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية‘‘.

ورصدت ذات الهيئة، ’’إخضاع بعض المحتجين للاحتجاز، مما يشكل سلبا للحرية بشكل تعسفي تحكمي، وتسجيل حالات متعددة صدرت فيها سلوكات لأفراد القوة العمومية تعتبر تمييزا قائما على نوع الجنس أثناء تفريق التجمعات، من خلال اعتماد بعض الأساليب الحاطة بالكرامة في التعاطي مع النساء المحتجات خاصة المدافعات عن حقوق الإنسان‘‘ .وعدم ’’فتح التحقيقات اللازمة وإخضاع أي شخص من الساهرين على إنفاذ القانون من الذين استخدموا القوة بشكل مفرط، أو المشتبه فيهم في ممارستهم العنف في حق المحتجين بما فيه العنف القائم على النوع الاجتماعي‘‘.

وتتابع الجمعية في التقرير، ’’143 حالة منع وحصار وقمع للوقفات والمسيرات والتجمعات؛ همت أساسا الاحتجاجات، التي دعت إليها الحركة الحقوقية أو الحركة النقابية والحركات الاجتماعية ومجموعات المعطلين، أو لجن التضامن مع المعتقلين السياسيين، أو المناهضة للتطبيع والمساندة للشعب الفلسطيني…؛ حيث سجلت الجمعية منع السلطات ل 14 وقفة ومسيرة تضامنية مع الشعب الفلسطيني وضد التطبيع أغلبها بمدينة الرباط، ومنع وقمع 15 وقفة وشكل احتجاجي دعت إليه حركة المعطلين والجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين بالمغرب؛ فيما واصلت السلطات تفريق ومنع وقمع الوقفات والتظاهر السلمي ضد فرض جواز التلقيح في مناسبات متعددة؛ إذ سجلت الجمعية 19 حالة بكل من الرباط واكادير ومراكش وطنجة والدار البيضاء‘‘.

وأوصى التقرير بعد ما رصده من حالات، بـ”إطلاق سراح كافة معتقلي حرية الرأي والتعبير والحق في التظاهر والتجمع السلميين، ووقف المتابعات في حق العديد من الصحافيين والمدونين ورواد مواقع التواصل الاجتماعي، والمحتجين سلميا من أساتذة مفروض عليهم التعاقد، ومعطلين ونشطاء حقوقيين، وضمنهم أعضاء بجمعيتنا، ومواطنين احتجوا سلميا للمطالبة بحقوقهم الاجتماعية والاقتصادية، وفاضحي الفساد وغيرهم‘‘.

وفيما يخص حرية التعبير، دعت إلى ’’إلغاء كل الفصول المقيدة لحرية الصحافة، وإلغاء الفصول الزجرية والسالبة للحرية في قضايا النشر والصحافة الواردة في القانون الجنائي، لضمان ملاءمتها مع المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والكف عن استعمال قضايا الحق العام لمحاكمة الصحافيين بسبب عملهم الصحافي، كما أكد ذلك فريق العمل الأممي المعني بالاعتقال التعسفي في الرأي الصادر سنة 2018‘‘.

كما طالبت بـ “ضمان إجراء تحقيقات نزيهة في جميع الانتهاكات المرتكبة في حق ضحايا حرية التعبير من الصحفيين والمدونين والمثقفين المدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان، ونشطاء الحركات الاجتماعية وتطبيق لالعدالة في حق مرتكبيها وجبر ضرر الضحايا‘‘.

وفي مرافعتها حول حق التظاهر السلمي، طالبت الجمعية بـ”وضع قانون جديد ينسجم والمادة 21 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والتي تنص على الحق في التجمع السلمي. مع الأخذ بعين الاعتبار التعليق العام رقم 37 بشأن الحق في التجمع السلمي والمبادئ الأساسية بشأن استخدام القوة والأسلحة النارية من جانب الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين وضمان فتح تحقيقات نزيهة في كل المزاعم بشأن الإفراط في استخدام القوة من طرف المكلفين بإنفاذ القانون أثناء تفريق الوقفات أو الاعتصامات أو المظاهرات، ومعاقبة مرتكبي هذه الانتهاكات، وجبر ضرر الضحايا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المثمر
زر الذهاب إلى الأعلى