السياسية

بعد خسارة الانتخابات.. هل يعيد بنكيران “البيجيدي” إلى الواجهة بـ”اللايفات والبلاغات”؟

عبد الإله بنكيران عاد إليكم من جديد! وقد يخرج لكم من جبته الكثير من المفاجآت!! فهذا الرجل الذي يقترب من عتبة السبعين عاما استطاع ببراعته الخطابية أن يسترعي انتباه الخصوم قبل المؤيدين والحلفاء ورفاق الطريق، كيف لا وهو الذي يمكن أن يصنف كظاهرة صوتية أحيانا وكرجل سياسة استطاع تقريب الخطاب السياسي من عامة المجتمع أحيانا أخرى.

مع بنكيران تختلف الأمور وتبدو اللعبة السياسية ظاهرة للعيان، فالتسخينات الانتخابية هذه المرة بدأت مبكرا، فبعد خرجاته المثيرة حول مدونة الأسرة والإرث جاء الدور على السياسة الخارجية للبلاد، من خلال بلاغ صادر عن الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية بتاريخ 4 مارس، تعبر فيه عن استهجانها مما أسمته المواقف الأخيرة لوزير الخارجية ناصر بوريطة التي يبدو فيها وكأنه “يدافع عن الكيان الصهيوني، في بعض اللقاءات الإفريقية والاوروبية، في الوقت الذي يواصل فيه الاحتلال الإسرائيلي عدوانه الإجرامي على إخواننا الفلسطينيين ولا سيما في نابلس الفلسطينية”، حسب نص البلاغ، الذي جاء فيه أيضا “تعيد الأمانة العامة التذكير بالموقف الوطني الذي يعتبر القضية الفلسطينية على نفس المستوى من قضيتنا الوطنية، وأن الواجب الشرعي والتاريخي والإنساني يستلزم مضاعفة الجهود في هذه المرحلة الدقيقة دفاعا عن فلسطين وعن القدس”.

ما تضمنه بلاغ الحزب الإسلامي، وخصوصا الانتقاد اللاذع الذي طال وزير الخارجية، ناصر بوريطة، جعل الديوان الملكي يخرج في بلاغ يمكن اعتباره “تاريخيا”، خصوصا في علاقة القصر بالأحزاب السياسية.. بلاغ كان عنوانه الأبرز: “لا للتدخل في اختصاصات ملك البلاد”، أما تفاصيله فتشي بما يلي: “موقف المغرب من القضية الفلسطينية لا رجعة فيه، ويعد من أولويات السياسة الخارجية لجلالة الملك”.. ويضيف البلاغ بحزم شديد أن “السياسة الخارجية للمملكة هي من اختصاص الملك محمد السادس ويديرها بناء على الثوابت الوطنية والمصالح العليا للبلاد وفي مقدمتها قضية الوحدة الترابية”.. وفي ما يشبه الإشارة إلى “خلفيات” بيان الأمانة العامة للبيجيدي أضاف بلاغ الديوان الملكي أن “العلاقات الدولية للمملكة لا يمكن أن تكون موضوع ابتزاز، من أي كان، ولأي اعتبار، لاسيما في هذه الظروف الدولية المعقدة …”

بلاغ الديوان الملكي جعل بنكيران، بطريقته المعهودة في التعامل مع كل ما يصدر من القصر الملكي، يسارع إلى إصدار توجيه إلى منتسبي الحزب بعدم الإدلاء بأي تعليقات أو تصريحات تخص البلاغ المذكور.

ليخرج الحزب الإسلامي ببلاغ جديد ينفي أي تدخل في الاختصاصات الدستورية للملك وأدواره الإستراتيجية وأي مغالطات أو مزايدات سياسوية أو أي ابتزاز، واعتبر بلاغ الأمانة العامة أن انتقاد ناصر بوريطة وزير الخارجية جاء باعتباره عضوا في الحكومة ويخضع كباقي زملائه في الحكومة للنقد والمراقبة، على أساس البرنامج الحكومي.

وكعادته في تدبير الأزمات التي مر بها “البيجيدي”، فقد نجح عبد الإله بنكيران، إلى حد ما، في إخراج الحزب من عنق الزجاجة، بعد الهزيمة المدوية في الانتخابات، وأعاده إلى الاضواء مع كل هذا الضجيج الذي رافق خرجاته الأخيرة.. وهو ما يطرح سؤالا محوريا حول هل كانت تحركات بنكيران منذ عودته إلى قيادة الحزب، بما فيها تلك اللايفات والبلاغات الفيسبوكية والردود، جزءا من سياسته، للعودة إلى الساحة الحزبية والشعبية بعد مرحلة كساد تلت الفشل الكبير في الانتخابات الأخيرة؟

جميع الدلائل تشير إلى أن بنكيران، داهية حزبه، قد يستفيد من غياب معارضة حقيقية، حاليا، ومن ضعف النخب الحزبية وتشتتها، لكي يعود بكل قوة، رغم ما يعتبره العديدون فشلا كبيرا في التدبير خلال الولايتين السابقتين، مستغلا القضايا الخلافية كالإرث ومدونة الأسرة أو الحساسة كمسألة التطبيع، في ظل الحنق الشعبي على حكومة عزيز أخنوش وغلاء الأسعار.

والحق أن المغاربة اعتادوا على خرجات بنكيران، منذ بداية تسليط الأضواء عليه واختياره كأمين عام لحزب العدالة والتنمية سنة 2008 ولاحقا عند تعيينه في 29 نوفمبر 2011 كرئيس للحكومة المغربية، بعد احتلال حزب العدالة والتنمية للرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية التي جرت في 25 من نفس الشهر ثم في ولايته الثانية سنة 2016 قبل أن يعفى من تشكيل الحكومة في منتصف شهر مارس 2017 من طرف الملك محمد السادس.

صحيح أن رد فعل القصر الملكي سوف يلجم زعيم البيجيدي إزاء مسألة التطبيع والعلاقات الخارجية، لكن الأكيد أن بنكيران له وجهة نظر عبر عنها في آخر مؤتمر أمام شبيبة حزبه قائلا: “نحن من وقعنا اتفاق التطبيع مع إسرائيل في سياق صعب وظروف يعلمها الله لكن الحزب لم يتبدل ولم يطبع ولن يفعل لكننا لن نتخاصم مع بلادنا و دولتنا”.

أما بالنسبة للقضايا الأخرى فالطريق مفتوح على مصراعيه أمام هذا الرجل الذي اتهمه البعض بالتهريج واعتبره آخرون سياسيا محنكا يستطيع تجييش مشاعر الأتباع والمتابعين بسهولة، وتقريب مضامين خطابه السياسي من عامة الشعب، في ظل غياب معارضة حقيقية وسياسيين محنكين في الوقت الذي يتمتع فيه زعيم البيجيدي بكاريزما خاصة، أحببنا أم كرهنا.. فالرجل سياسي بارع ويجيد السير في المنعرجات ولا يتردد في الانحناء أمام العاصفة والهروب بمصباحه إلى بر الأمان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المثمر
زر الذهاب إلى الأعلى