اقتصادمجتمع

جماعة المفاسيس …استثمارٌ في تعويضات أراضي الجموع بإنشاء مصانع أو شركات

عبدالصمد خشيع-جديد24

تسير جماعة المفاسيس بإقليم خريبكة على خطى ثابتة في التغلب على كثير من المشاكل التي استعصى حلها في وقت من الاوقات، وذلك بفضل الانسجام الذي تتحلى به العقليات المشرفة على التسيير، بنوع من المرونة وذكاء في التفاوض، واستشراف حصيف لمستقبل أبنائها الذين يعانون من البطالة وسد الخلة على جميع المستويات.

مناسبة هذه التوطئة أن كثيرا من الجماعات السلالية بالمغرب أثارت بفضل نوابها أن تستفيد من تعويضات مباشرة يتم توزيعها بالتساوي على كل الأفراد المنتمين للجماعة، إذا تعلق الأمر باستغلال أراضيها من طرف شركة معينة تباشر استخراج مادة من المواد الحيوية المستعملة في قطاع الصناعة، غير أن جماعة المفاسيس انتهجت منحى آخر ى لايؤمن بفتات التعويض الذي يتبدد ساعة تسلمه، بفعل إكراهات العوز والفقر، واقترحت بكل جرأة أن يتم توظيف تلك التعويضات التي سيستفيد منها حوالي 23 ألف مواطن ومواطنة ينتمون للجماعة السلالية لجماعة المفاسيس، في تأسيس شركة أو مصنع أو وحدة صناعية في مجال حيوي تستفيد منه شركة المكتب الشريف للفوسفاط، ويتم فيه تشغيل كل أبناء الجماعة على حد سواء، وهي مبادرة جريئة تفتح سوق الشغل في وجه الشباب العاطل، الذي لا خيار له؛ سوى قوارب الموت أو السقوط في براثن الجريمة بأي شكل من الغشكال ٠

فقد دلت التجربة على عدم نجاعة أسلوب الاستجداء والتوزيع المالي لكل الجماعات السلالية التي تبنت هذا الطرح، مع أنه للأسف استغرق ملايير السنتيمات في بعض الجماعات التي استفادت من التعويض، وأضاعت فرص التفكير في طرح بديل تنموي ومستمر قادر على معالجة مشكل البطالة الذي يؤرق الجميع، ويحول دون تحقيق التنمية المطلوبة.

و تبني مقاربة إنشاء شركة أو مصنع كبديل عن توزيع تعويضات أراضي الجموع للجماعة السلالية، تشكل بحق قفزة نوعية في أن اعتماد أسلوب الحكامة هو الحل الأمثل للخروج من أزمة الشغل، سيما وأن الجماعة تقع على مرمى حجر من كل المنشآت الفوسفاطية التي تستخرج من خلالها مادة الفوسفاط، المادة الحيوية التي تذر الملايير على الدولة وعلى المكتب، كثروة هائلة ومميزة، حبا الله بها هذا الاقليم، دون سواه من الأقاليم الأخرى، فلماذا لايتم استغلال هذا الوضع بشكل إيجابي بين الطرفين، وبدل أن تستورد إدارة الفوسفاط قطع الغيار مثلا، أو مايتعلق بالأحزمة الجلدية المستعملة في نقل مادة الفوسفاط، أو الألبسة الخاصة بالعمال والمهندسين، يمكن بواسطة الشركات المؤسسة أن تكون بديلا لاستيراد تلك المواد بتكلفة باهضة.

ومن بين المؤشرات التي من شأنها أن تقود هذه التجربة، إذا لقيت استحسان الساكنة المستفيدة، إلى النجاح، أمرين أساسيين : أولهما التفاعل الإيجابي الذي تحاول إدارة المكتب الشريف للفوسفاط التحلي به، في إطار مايسمى بتكريس المقاولة المواطنة، وفك العزلة عن الجماعة باعتبارها المتضرر المباشر لأسباب عديدة، والأمر الثاني قدوم العامل الجديد بإقليم خريبكة، الذي حملت تحركاته ولقاءاته وحواراته على مؤشرات إيجابية، متشبعة بروح المسؤولية وبما تقتضيه الحكامة الجيدة والفاعلة، بكل ثبات وصدق وإنصات وحوار وتفهم لمشاكل المدينة المتعلقة أساسا بالعقار، كأحد دعائم التنمية في المدينة، وبالتالي إذا لم يتم التخلص من العقليات المتحجرة في التسيير، فلن تستطيع أي جماعة أن تجتهد في بلورة أفكارها وترجمتها إلى واقع بقضي على البطالة ويفتح أسواق الشغل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المثمر
زر الذهاب إلى الأعلى