بن شماش: تنتظرنا “أولويات” والأزمة الراهنة ساهمت في “تقوية” الحزب.
في حوار خاص قال الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة السيد حكيم بن شماش، إن ما يعيشه الحزب في الفترة الراهنة كان لا بد من حدوثه، أمر حتمي، وأضاف أن البــــام مر خلال السنتين الأخيرتين من مجموعة من عوامل الاحتقان والأزمة والتوترات التي تعالج بالأسلوب المناسب، سواء عبر: الترضيات وتطييب الخاطر والتوافقات وغير ذلك …
واعتبر بن شماش، أن التوتــــر وصل إلى ذروته خلال انعقاد أشغال الاجتماع الأول للجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني الرابع للحزب، وأضاف في هذا السياق: “لقد تابع جميع المغاربة من خلال الفيديوهات والتسجيلات كيف جرت الأمور حينها”. واعتبر أن تقديره من موقعه كأمين عام للحزب وحقـــــه المطلق، هو أن الظروف لم تكن مناسبة لاستمرار الاجتماع المذكور فرفع أشغاله (الاجتماع)، واسترسل بن شماش بقوله: “يأتي أحدهم أو بعضهم بدون وجه حق، يتجهون نحو المنصة ويكملون أشغال الاجتماع ويخلصون إلى أنهم انتخبوا رئيسا للجنة التحضيرية”.
أمام هذا الوضع، يضيف بن شماش، قلت للأخوات والإخوة أعضاء المكتب السياسي المنعقد مباشرة بعد الاجتماع الأول للجنة التحضيرية: “من سابع آلاف المستحيلات أن تطلبوا من الأمين العام أن يكون شاهد زور .. وما حدث يومها أمر غير مقبول، والحال أنه عندما رفع الأمين العام أشغال الجلسة معناه انتهى الكلام”.
وكشف بن شماش أن الأزمة الراهنة خرجت عن نطاق اللامقبول بدخولها في ممارسات صبيانية. فالأولـــى أن تدبر الأزمة بالاحتكام إلى قوانين الحزب التي تؤكد على أنه حين الاختلاف، أي عندما يقول طرف أنه تم انتخاب رئيس اللجنة التحضيرية والأمين العام يؤكد على أنه لن يكون شاهد زور وبالتالي عملية انتخاب رئيس اللجنة التحضيرية غير قانونية. وفي هذا الإطار قال بن شماش أن اللجنة الوطنية للتحكيم والأخلاقيات هي الجهاز الموكل إليه الفصل في مثل هذه المنازعات وفق مسطرة مضبوطة في القانون الداخلي والقانون الأساسي للحزب.
وأوضح الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة في سياق متصل، أنه وبمعية عدد كبير من مناضلات ومناضلي الحزب يجمعون على عدم قانونية اللجنة وباطلة وغير شرعية وكل ما ترتب عن أشغالها غير شرعي وغير قانوني. وأضاف: “يتحدثون عن تنظيم مؤتمر وطني في يوليوز أو شتنبر !، كيف يمكن ذلك؟، من الصعب تنظيم مؤتمر في ظل ظرف معين حتى في أصغر مجمع سكني بهذه الطريقة”. وبالمقابل، قال بن شماش إن المؤسسات ذات الشرعية اليوم المتمثلة في الأمانة العامة وباقي الهياكل هي اليوم تواجه مجموعة من الأشخاص -هداهم الله- الذين لا يعترفون بقانون الحزب ويمعنون في احتقار مؤسسات وقوانين الحزب.
إلى ذلك، ذكر الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة أن هناك دفع مستمر في اتجاه المصالحـــة المبنية على أسس مضبوطة والاحتكام إلى قوانين الحزب، وأكد أنه لن تكون هناك مصالحة خارج مؤسسات الحزب وأن عهد التوافقات قد انتهــــى ..
وعرج بن شماش على ما تضمنه تقرير اللجنة الوطنية للتحكيم والأخلاقيات التي أجمع أعضاؤها على بطلان انتخاب رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني الرابع للحزب وأن كل ما ترتب عن عمل اللجنة بما في ذلك اجتماعاتها وما سمي بانتخاب اللجان الفرعية للجنة، كل ذلك -يوضح بن شماش- باطل وغير قانوني، وهو هامش سيقفل بالاحتكام إلــى القانون. ودعا المتحدث إلى احترام مؤسسات الحزب والذكاء الجماعي لمناضلاته ومناضليه.
وأضاف أنه سيحين الأوان حتى يعرف مناضلات ومناضلي الحزب أصل الحكايـــة كلها “الأزمة” بتفاصيلها، وأنه يرفع التحدي ويقبله قائلا: “أرفض أن أسلم الحزب الذي ضحى فيه مناضلات ومناضلين قادمون من مسارات مختلفة”. وشدد أنه يرفض في هذا الإطار، ومعه عدد عريض من مناضلات ومناضلي الحزب، خلق الفوضى. ووجه بن شماش رسالة إلى من يشرعنون للجنة التحضيرية بضرورة احترام قوانين الحزب وعدم الانقلاب على المؤسسات.
وأوضح بن شماش أنه إذا كان شخص الأمين سيمضي في وقت من الأوقات، فإن المؤسسة يجب أن تبقى والمشروع الحزبي يجب أن يستمر، بحيث تم تضييع 8 أشهر من الطاقات في الكلام الفارغ حيث كان المفروض أن يوجه الحزب جهوده إلى: الأسئلة والقضايا الكبرى التي تهم بلادنا، وتفعيل وظائف الحزب في التواصل مع المواطنين والترافع عن قضاياهم وانتظاراتهم، والتصدي للأجندة الكبرى المطروحة اليوم على بلادنا.
وقال الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة إنه لا مجال لترديد لازمة “بن شماش ومن معه” بل هناك حزب بمؤسساته وقوانينه. وهناك طرف آخر يصر على شرعنة الفوضى والانقلاب على المؤسسات والدليل على ذلك في أنهم في كل تحركاتهم يكشفون على أنهم يتحدون المؤسسات ويتحدون قوانين الحزب، وهذا الطرف أوجه له الدعوة، يقول بن شماش، بالعودة إلى المؤسسات وفتح النقاش والبحث عن الحل، فإن كان هذا الطرف مصرا على تحدي قوانين الحزب وعلى التمرد فإن القضاء سيفصل بيننا.
فإذا أقر القضاء على أن هذا الطرف محــــق فسأخرج إلى العلن بوجه مكشوف، يقول بن شماش، فسأتراجع إلى الوراء وسأستقيل من منصب الأمين العام، وسأطلب منهم بالمقابل بأن يتقدموا إلى الأمام، وسأستمر في تقديم مساهمتي المتواضعة كمناضل في صفوف الحزب. ولكن أن نستمر في استنزاف الجهد والوقت والطاقات فهذا أمر غير مقبول إطلاقا.
وأضاف الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة أنه مطوق بمسؤولية وأمانة تسليم مشعل قيادة الحزب لمن يستحقها، لمن يختارهم المؤتمر الوطني “على حقو وطريقو”.
ووجه الأمين العام للبام رسالة إلى رئيسة المجلس الوطني السيدة فاطمة الزهراء المنصوري، مضمونها وجوب احترام مؤسسات الحزب، فالجميع (الأمانة العامة، رئاسة المجلس الوطني …) مطوقون باحترام قوانين الحزب. وجدد بن شماش التذكير بهذا الصدد كون تقرير اللجنة الوطنية للتحكيم والأخلاقيات أوصت ب: ببطلان انتخاب رئاسة اللجنة التحضيرية وبطلان كل ما اتخذ من إجراءات وخطوات بعدما رفع الأمين العام أشغال الاجتماع الأول. كما أن اللجنة تتحفــــظ على تركيبة اللجنة التحضيرية، وذلك لأن اللجنة الوطنية للتحكيم والأخلاقيات طلبت من رئيسة المجلس الوطني موافاتها ببعض الوثائق ومراسلاتها لكنها لم تتوصل بها إلى حدود الساعة.
وشدد بن شماش داعيا المنصوري إلى احترام الذكاء الجماعي للمناضلات والمناضلين واحترام المؤسسات، وتمكين اللجنة الوطنية للتحكيم والأخلاقيات من الوثائق المطلوبة حتى تستكمل أشغالها، لأن هناك سؤالا ما يزال معلقا وهو قانونية أو عدم قانونية اللجنة التحضيرية.
وأكد الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة أنه لا تراجـــــع عن القرارات التأديبية المتخذة، خاصة وأن اللجنة الوطنية للتحكيم والأخلاقيات سجلت تجاوزات تنظيمية وقانونية وأخلاقية ووجود شخص يتحدى الأمانة العامة ومؤسسات الحزب، فهنا كأمين عام، يقول بن شماش، أنا أتحمل مسؤولية حماية الشرعية وهيبة وقانونية حزب يشكل ثان قوة سياسية في البلاد ولا يمكنني أن أسلمه بسهولة لمجموعة من العابثين مهما كانت الظروف.
“قناعتي والقناعة الموجودة عند فئات عريضة من المناضلات والمناضلين، يوضح بن شماش، فهذه الأزمة ستقوي الحزب ولن تضعفه، لأنه لا يمكن لحزب الأصالة والمعاصرة وأحزاب أخرى أن تمضي إلى الاستحقاقات وتواجه مطالب المغاربة وهي في هذه الوضعية الراهنة”، فيجب أمام هذا الوضع أن تكون لدينا الشجاعة السياسية والأخلاقية من أجل تنقية بيتنا الداخلي، يسترسل بن شماش.
الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة اعتبر أن الأزمة الراهنة للحزب كانت من بين حسناتها أنها فتحت المجال أمام شخصه لإعادة قراءة خطب جلالة الملك خلال الفترة ما بين 2012 و2018 وعددها 28 خطابا بالإضافة إلى الرسائل الملكية الموجهة إلى المناظرات والمنتديات الوطنية والدولية. وفي تحليله لمضامين هذه الخطب والرسائل وخاصة الأسئلة الموجهة إلى الطبقة السياسية في المغرب، قال بن شماش، إن جلالة الملك طرح أسئلة جوهرية وعميقة وقدم رؤية متبصرة ووضع الطبقة المسؤولية أمام مسؤولياتها، واعتبر جلالته أن تمثيلية المواطنين أمانة عظمى ونبه كذلك إلى أن المغاربة فقدوا ثقتهم في السياسيين، وتضمنت ذات الخطب ما مفاده أن جلالة الملك فقد الثقة في الكثير من السياسيين.
وأشار بن شماش أن الساعة قد دقت حتى يوضح السياسيون أوجه فشلهم ويتحملوا مسؤوليتهم تجاه المغاربة. فممارسة الفعل السياسي تقتضي تحمل المسؤولية وتنقية البيت الداخلي وتجاوز الاهتمام بالقضايا الزائفة والتركيز على الأولويات والقضايا الأساسية. وبالتالي يعتبر بن شماش أن ما يجري اليوم داخل البام أمر عادي واستمرار الحزب في أداء مهامه يتطلب النقد الذاتي قبل نقد الآخرين وإصلاح ما يمكن إصلاحه والرجوع إلى مؤسسات وقوانين الحزب.
وختم بن شماش حديثه بتوجيه رسالة إلى مناضلات ومناضلي الحزب بقوله: “سنستمر في هذا الطريق بكل ثقة في النفس، وأحيي في هذا الإطار كل برلماني ومنتخبي الحزب الذين تصدوا لكل محاولات نقل الأزمة إلى صفوفهم.