السياسيةجديد24سلايدر

ماء العينين تكشف لأول مرة معاناة “صور باريس” وتهاجم بعض “شياطين” الحزب ..التدوينة كاملة

خرجت البرلمانية عن حزب العدالة والتنمية، أمينة ماء العينينن، عن صمتها لتتحدث لأول عن تفاصيل مرتبطة بقضية صورها بلباس شبابي متحرر في أحد شوارع العاصمة الفرنسية باريس ، حيث قالت “ستظل هذه السنة محفورة في ذاكرة عمري، كانت مختلفة جدا في كل شيء، انطلقت مع حكاية “صور باريس ” وما تلاها، وهي رواية أشعر برغبة كبيرة في كتابتها وتوثيقها بكل تفاصيلها وأحداثها وشخوصها، وأظن أنني سأفعل ذلك يوما ما”.

وأوضحت ماء العينينن في تدوينة مطولة أنها تألمت في صمت لمواقف بعض الأشخاص من حزبها، الذين قالت أنهم يمتلكون “القدرة على الإذاية والانتقام والشماتة والرغبة الجامحة في الاغتيال السياسي من داخل مرجعية دينية مفروض أنها مرجعية انسانية تحث على عدم الأذى ونبذ سوء الظن والقذف والنهش في الأعراض وتنهى عن الشماتة والفضيحة والحقد”.
وفيما يلي النص الكامل للتدوينة:

سنة 2019 : قصة تُحكى
ستظل هذه السنة محفورة في ذاكرة عمري، كانت مختلفة جدا في كل شيء، انطلقت مع حكاية “صور باريس” وما تلاها، وهي رواية أشعر برغبة كبيرة في كتابتها وتوثيقها بكل تفاصيلها وأحداثها وشخوصها، وأظن أنني سأفعل ذلك يوما ما.
انطلقت تلك العاصفة التي استمرت شهورا، كانت قوية وعنيفة جدا، حتى أنني لا أتصور أن امرأة سياسية في المغرب عاشت ما يشبهها.
كانت حربا جديدة وجب علي تدبيرها أنا التي عشت محنا ومآسي كثيرة في مسار لم يكن يوما سهلا ولم يكن لي الحق حتى في أن اعيش ألمها في هدوء.
كان علي أن أحمي أبنائي أولا أنا المرأة المطلقة الحاضنة لطفلين رائعين أحرص على تتبع تفاصيلهما الصغيرة في الحضور والغياب.
أول ما فعلته هو اطلاعهما على الصور والحكاية كلها أثناء وجبة عشائنا، حيث تعودنا أن يحكي كل منا تفاصيل يومه، هيأتهما نفسيا لكل شيء وكانا رائعين في رد فعلهما الذي يشبهني ويشبههما، في مدرستهما كان الجميع متعاطفا معي وحريصا عليهما، لم يحدث أي شيء يقلقهما ولو من طرف زملائهم الأطفال وهو أمر أراحني كثيرا.
كنت حريصة على أن لا تتأثر والدتي بشيء، حيث كانت دائما سيدة البيت وكنت انا”رجل البيت” كما تناديني، ساعدَنا كونها لا تدخل الفايسبوك ولا تطلع على ما ينشر، وكانت شقيقاتي يحرصن على ألا تصلها التفاصيل الأكثر عنفا.
كنت أكلمها كل ليلة بقوة ومرح وأشعر بقلقها وهواجسها التي لم تفارقها يوما وهي تتابع نشاطي السياسي وتطلب مني التواري والصمت، ككل الأمهات اللواتي لازلن يعلمن بغريزتهن أن التعبير عن الرأي واتخاذ الموقف يخفي أخطارا محدقة وجب تجنبها.
لا زالت تكرر بقناعة أن الله ميزني بشيء غريب في شخصيتي لن يجعلني أنعم بالأمان بسبب من تسميهم ب”الحاسدين”، لازلت ألوم عليها كثرة القلق والجزع. وكنت في نفس الفترة حريصة على شقيقتي الحامل، حيث كان حملها صعبا ومهددا، وهي أقرب شقيقاتي إلي بمثابة ابنتي وأنا بمثابة أب لها، كنت أطلب منها مغادرة الفايسبوك لتأثرها الكبير بحملات التشهير العنيفة، وكنت أطمئنها أنني قوية كفاية لأتحمل وأتجاوز رغبة مني في حقنها بما يلزم من طاقة الصمود، ولقد سعدت كثيرا يوم انتهى هذا الحمل الصعب بسلام بولادة توأم رائع، كنت اشعر بمسؤولية كبيرة تجاه من حولي ممن تضرروا بما ينشر ويكتب، فقد كنت منذ صغري مدافعة شرسة عن كل من أعتبره مظلوما واعتبرت ان ذلك جزء من رسالتي في الحياة فكيف أتحمل أن يظلم احد او يؤذَى بسببي.
كنت أخفف عن أصدقائي وصديقاتي الذين كان بعضهم ينهار بكاء أمامي، وكم خرجت من تلك المحنة فخورة ومُحِبة وممتنة لأصدقاء وصديقات من ذهب، كانوا هدية الله إلي مع جميل ابتلائه، وقد عاش معي بعضهم لحظات ضعف إنساني حينما كان يشتد الهجوم دون ان اتمكن من تفسير قسوته ولا إنسانيته.
أعترف أنني لم أتألم بسبب حملة التشهير المنظمة، ولا بسبب الذين انخرطوا فيها بحماسة منقطعة النظير من المواقع والحسابات والأشخاص، لكنني تألمت في صمت لمواقف بعض الأشخاص من حزبي الذي ناضلت في صفوفه بانخراط والتزام وقوة منذ طفولتي، أعترف أن قدرتي على التحليل والتوقع خذلتني بشكل مريع حيث لم أكن اتصور أن يكون بعضهم بكل هذه القدرة على الإذاية والانتقام والشماتة والرغبة الجامحة في الاغتيال السياسي من داخل مرجعية دينية مفروض أنها مرجعية انسانية تحث على عدم الأذى ونبذ سوء الظن والقذف والنهش في الأعراض وتنهى عن الشماتة والفضيحة والحقد و….
لن اذكر هنا أشخاصا ولا وقائع، لأن ذلك ليس مهما بالنسبة لي، بقدر ما تهمني الدروس البيداغوجية التي قرأتها شخصيا بالمعايشة ويهمني نقل بعضها هنا علما أن ما اسجله بفخر واعتزاز أن أمثال هؤلاء كانوا أقلية ضمن أكثرية رائعة بأخلاقها وسموها.
كنت كمن يواجه القصف المفتوح بصدر عار، وكان علي في نفس الوقت تلقي طعنات في الظهر من “الاخوة والاخوات” الذين لم يمنحوني حتى ما يلزم من مهلة انسانية لأقف على رجلي قبل مساءلتي والنهش في لحمي بالشائعات والروايات والحكايات والقيل والقال، فحتى الحروب تأطرها قوانين وقيم تمنح الوقت لإجلاء الجرحى والتقاط الأنفاس وإحصاء الخسائر. كان بعضهم وبعضهن ينقلون روايات تعبأت برلمانية وبعض الصحفيين لبثها في صفوف الحزب، لأن المخطط لم يكن ليكتمل بدون تعبئة الحزب ضدي، وكنت واعية بذلك وأتابع تفاصيله.
تكلفت بعض”النسوة” من حزبي بالمهمة، وبدأن يُشِعن روايات بمنطق “قالوا” و”قلن” ثم تكلف “قيادي شاب” يقدم نفسه ك”مناضل حقوقي” بانجاز مهمة كان دائما يؤديها وهي محاربتي داخل الحزب بالكثير من الحقد والخبث، وهو أمر قد أكشف تفاصيله يوما خاصة وأنه دور ممتد في الزمان ولايزال متواصلا، علما أن الوجه الحقيقي لهذا “الشاب القيادي الطموح” بدأ يظهر لكل الذين حاول خداعهم بصورة أنا أول من يعلم تفاصيل زيفها، غير انه لم يكن يوما رهانا من رهاناتي محاربة أحدهم أو إحداهن أو السعي لإضعاف أحد لأشعر بما قد يبدو لي قوة.
ظهر خصوم داخل حزبي بطريقة غير مفهومة، وترجاني الكثير من الاصدقاء أن أتواصل مع قيادات الحزب لأصحح ما يروج، وأطلب دعمهم كما فعل من عانى سابقا من مثل ما عانيت منه أو أكثر.
قررت ان أترك الجميع أمام ضمائرهم وأن لا أتوجه لأحد بطلب أو رجاء إلا لله وحده الذي منحني دائما القوة والطاقة والقدرة على الاستمرار بعصامية ومجهود شخصي وباستحقاق، حيث لا أتذكر أنني نلت يوما شيء في حياتي المتواضعة والصعبة إلا باستحقاق ومكابدة في ظل هجوم متواصل من المنافسين والحاقدين.
لم اتمرد على الحزب، ولم أجعل نفسي فوق مؤسساته كما حاول البعض ترويج ذلك، لكنني قررت مواجهة ما اعتبرته تحاملا وانتقائية غريبة معي دون غيري، كما قررت الدفاع عن حياتي الخاصة التي سعى البعض لجعلها محط مساءلة تنظيمية بناء على “قالوا وكتبوا وادعوا و….” علما ان الكثيرين يعانون من حملات تشهير واطلاق اشاعات لم يعاملوا كما عومِلت، وقد كنت واعية أنني ضحية استقطابات المؤتمر وما قبله وما بعده، أنا التي كنت شرسة في الدفاع عن وجهة نظري وهو ما سبب لي خصومات وأحقاد.
أعي اليوم مسؤوليتي تجاهها، وانا أقيِّم دون عقد ودون مركب نقص، مساري السياسي ومنهجيتي وخطابي وأُعدد أخطائي ونقط ضعفي دون أن أتجاهل نقط قوتي وكل ما يدعوني للفخر والاعتزاز في مساري وفي شخصيتي، يقول المغاربة: “جابني الفيراج” ووجب أن أتحمل مسؤوليتي وقد قررت تحملها، علما انني قرأت مؤخرا أن هناك من طالب باستقالة اعضاء لتسببهم في الاساءة لقيادات من الحزب، لازلت ألاحظ وأحلل دون تعليق، لكني مقتنعة أن الحزب لم يعد يحتكم لقواعد ثابتة لا تحابي الأشخاص، وسأظل مناهضة للاساءة للأشخاص خارج نقاش التوجهات والآراء والاختيارات السياسية.
اكتشفت أيضا قدر حب الناس ودعمهم من داخل حزبي ومن خارجه بطريقة فاقت توقعاتي رغم أنني أشعر دائما أن صدق نضالي يصل لمن حولي حيث لا أتصنع ولا أتكلف ولا أتهيأ لأوصل أفكاري التي تنبعث من دواخلي.
اتصل بي رجال ونساء وازنون في الدولة لحثي على الصمود، حتى أن شخصية سياسية كبيرة من خارج حزبي كان يتصل بي كثيرا في المساء رفقة زوجته التي لم التقها يوما، كانا ينصحانني بالصمود والاعتناء بصحتي وأولادي وممارسة الرياضة والتوجه الى الله حتى تمر العاصفة.
يوما ما سأكشف عن اسم هذا الرجل لو أذن لي،فهو لا ينتمي الى “المرجعية الاسلامية” لكنني رأيته يتمثلها في سلوكه واخلاقه وأخلاق زوجته التي لا تضع منديلا على رأسها، لكنها كانت رائعة بأخلاق المغربيات الأصيلات والمسلمات التلقائيات اللواتي يقودهن حسهن للتضامن وعدم الانخراط في جوق الاذاية المجانية، والى اليوم لازلت أتلقى تحايا الرجال والنساء الكبار في كل المواقع بطريقة تدهشني.
داخل حزبي، ظهر رجال ونساء رائعون ورائعات، قدموا لي كل وسائل الدعم، وكان بعضهم يصر على زيارتي في البيت، دون أسئلة ودون حرج ودون هواجس ماعدا ما يجمعنا من الانسانية والاخوة والنضال المشترك.
وظهر رجال ونساء رائعون من حركة التوحيد والاصلاح، حيث رأيت أخلاق المرجعية القائمة على التضامن والنصيحة والأخذ باليد في اللحظات الصعبة، كان بعضهم يقول لي:”احمدي الله أنه أرحم بنا من البشر” وكنت أخبرهم أن ما أنقذني دائما هي تلك العلاقة التي تجمعني بربي والتي لا تعني تفاصيلها أحدا من البشر، لقد أمدتني دائما ولا تزال بالقوة والطاقة التي تجعلني استصغر واستخف بما يبدو للآخرين ثقيلا.
وظهر في الحزب أيضا من يتسمون بالحقد والكثير من الشر،حتى أن إحداهن -وكانت تجمع بيننا صداقة- ارسلت لي “أوديو” في عز الحملة تطلب مني الاستقالة من الحزب ومغادرة المغرب، بل سمحت لنفسها أن توظف بعضا مما تقاسمناه من أسرار لمهاجمتي والشماتة فيَّ علانية، شكرتها بهدوء وقلت لها أن المرجعية التي تقدم نفسها مدافعة عنها – من موقع القيادة- بريئة مما تفعله، وأنني لن استقيل ولن اغادر بلدي وسأصمد لأن الناس لحسن الحظ لا يشبهونها.
هكذا تأكد لي أن المجتمع والناس والحزب ليسوا كلهم شياطين وليسوا كلهم ملائكة، فكل شيء نسبي ولاشيء مطلق.
لم اسمح لنفسي يوما أن استغل أزمة أحدهم للهجوم عليه أو تصفية الحسابات معه فيما قد يبدو ضعفا يمر به، بل تضامنت مع كل من تم التشهير بهم أو تم اختراق حياتهم الخاصة من داخل حزبي وخارجه، إيمانا وقناعة وسأستمر في ذلك، كما سأدافع دائما عن كل النساء السياسيات حتى لا يعشن ما عشته لأنني أعلم أنه قد يكون مدمرا لبعضهن، وأن ليس كل النساء يملكن بالضرورة القدرة اللازمة للصمود والمقاومة.
كنت أقول للكثيرات والكثيرين من حزبي وخارجه: تفضلوا وتفضلن، ها أنا سأتراجع خطوة للوراء، وهاهي الساحة أمامكم وأمامكن إذا كنتم تعتبرون أن نجاحكم لن يتحقق إلا بمحاربتي وإذايتي. لقد آمنت دائمة أن الضعفاء وحدهم يسعون لبناء “أمجادهم” باقصاء الآخرين ومحاربتهم، أما الأقوياء المتسلحون بالثقة بالنفس، فيعرفون أن ساحة النجاح تسع الجميع، كنت اقرأ كل شيء في عيون من حولي.
كانت تجربة فريدة ودروسا عظيمة، وزنت فيها الناس وزاد اكتشافي لكل المعاني: الشهامة والنبل وأخلاق الفرسان، والخسة والضعف وقلة الرجلة.عرفت أن الحياة عبر وأن التنسيب منهج فعال وأن قيمنا هي ما يحمينا وأن الخيبة والخيانة جزء من قواعد لعبة الحياة، لكنني خرجت اكثر قوة ومناعة وتفاؤلا.
ومع ذلك كانت أيضا سنة رائعة، عشت فيها لحظات فرح كثيرة واحتفلت فيها بانجازات آمنت بامكان تحقيقها لي ولمن حولي، عشت فيها أحداث مع أشخاص أتذكرهم بالكثير من الود سواء من لازالت تجمعنا بهم السبل او اولئك الذين فرقتنا عنهم السبل والظروف رغما عنا وعنهم دون أن ننسى الفضل بيننا.
أحداث بداية السنة كانت امتحانا لكل شيء، ووقائع اخرى عشتها طيلة السنة كانت كافية لتقييم الكثير من المسارات بحلوها ومرها…اليوم أشعر بعد سنة كاملة بالكثير من الرضى والمحبة وطاقة الانجاز والفعل، والكثير من الامتنان لله تعالى والكثير من العرفان للطيبين والطيبات، والكثير من الأمل في المستقبل.
أتمنى للجميع سنة جديدة سعيدة مليئة بالايمان والمحبة والتضامن والامل، وأتمنى أن لا تجد اي امرأة وأي أم نفسها يوما مضطرة لتعيش ماعشته بداية السنة المنصرمة، أتمنى أن نتخفف من الأحقاد وأن نتخلى عن الانخراط المجاني في إذاية الناس، وأن نتعلم كيف نكون متسامحين وأن نناهض ثقافة التشهير والإشاعة وإدمان التلصص والتلهي بالقيل والقال.
لنتشبث بقيمنا الجميلة مهما قابلها الآخرون بالنكران، ولنتشبث أكثر بمن نجدهم حولنا بأخلاق وأصل طيب وقيم حقيقية، لأنهم ناذرون ومن الصعب تعويضهم حينما يثبت لنا أن ما يجمعنا بهم حقيقي وغير مزيف.
في الساعة الأولى من سنة 2019 وفي عز الحملة آنذاك، تلقيت رسالة تقول: “كوني أنت نفسك ولا تتغيري”.
لم يتغير شيء من جوهري وكينونتي الأصلية، لكن أشياء كثيرة تغيرت، فقد جرت مياه تحت الجسر، لكنني لازلت وفية وملتزمة ومنخرطة وإيجابية لا أحمل أحقادا ولا رغبة في الانتقام حتى ممن تسببوا لي بالإذاية، أحمل ضميرا مرتاحا وعقلا يفكر وقلبا ينبض بحب الخير.
كان نبي الرحمة يناجي ربه: ” وإن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي”.
سنتكم سعيدة أحبائي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المثمر
زر الذهاب إلى الأعلى