تربية وتعليمجديد24سلايدر

بني ملال.. التعليم الخصوصي وعدوى الاحتجاجات

على امتداد شهور الجائحة الثلاثة الماضية، شهدت مواقع التواصل الاجتماعي “نشاطا” غير مسبوق لحشد الدعم والتعبئة لخوض معارك ضد مؤسسات التعليم الخصوصي، بدعوى عدم أحقية أداء واجب التمدرس لشهور أبريل وماي ويونيو 2020، نتيجة تعليق الدراسة الحضورية وهو ما يعتبر إخلالا ــــــ في تقديرهم ــــــ بواجب تقديم الخدمة المتعاقد حولها مع الأسر، ولأن أداء التعليم عن بعد لم يرق إلى مستوى تعويض الدراسة الحضورية، وثالثا، لأن الحجر الصحي أربك الحياة الاقتصادية وكانت له تداعيات سلبية على فئة من الأسر وجد أربابها أنفسهم عاطلين.
وبعد مرحلة الحشد والتعبئة في العالم الأزرق على ما سجل خلالها من تجاوز للضوابط الأخلاقية والقانونية، حيث تحولت إلى عمليات تشهير واستهداف للمؤسسات التعليمية الخاصة، توصلت مدارس خصوصية بملتمس من بعض أولياء التلاميذ من أجل مراجعة واجب التمدرس، تراوحت بين مطلب خصم نسبة من واجب التمدرس إلى إسقاط الأداء كليا؛ ملتمس تفاعلت معه المؤسسات بنفَس إيجابي، وقدمت لأصحابه ولعموم الأسر جوابها، حيث أوضحت أن التعليم عن بعد قرار اتخذته الوزارة الوصية على القطاع، انخرطت فيه الـمؤسسات التعليمية العمومية والخاصة، وفق الـمعايير التي حددتها الوزارة، وهـي الجهة الـمخولة بتقييم أداء المؤسسات.
واعتبارا لتداعيات الوباء على بعض الأسر، باشرت الـمؤسسات، غداة الإعلان عن قرار الحجر الصحي وتعليق الدراسة، عملية جرد الأسر التي يشتغل مُعيلُوها فـي القطاعات التي تضررت من الجائحة، واتخذت تدابيــرَ تضامنيةً استفادت منها الفئات الـمتضررة، بعد التثبت من ظروفها الاجتماعية.
وبموازاة مع هذه التدابير لم تحرم المؤسسات أي تلميذ أو تلميذة من حقه في الاستفادة من خدمات المؤسسة التعليمية والتربوية خلال أشهر الجائحة احتراما منها لواجباتها المهنية. وفي أوج الانشغال بتدبير استحقاقات نهاية السنة الدراسية، تتفاجأ مؤسسة تعليمية، أو لعله جاء دورها بعد مؤسسات أخرى بوقفة احتجاجية صبيحة يوم السبت 27/6/2020، قِوامها اثنا عشر شخصا، أغلبهم كما يبدو من الصور الملتقطة غرباء على المؤسسة، ولعل في اعتقال أحد المحتجين الذي تبين من خلال التحريات أنه ليس أبا أو وليا لأي تلميذ بالمدرسة المحتج أمامها، أكبر دليل على تشكّل فئة “تحترف” الاحتجاجات خدمة لأجندات معينة.
ويبقى مشهد إحضار الأطفال إلى الوقفة الاحتجاجية أكبر خرق واستهتار لحق الأطفال في الحماية من العدوى ومخاطر الزج بهم في مثل هذه الأفعال، من جهتها حضرت السلطة وفضت التجمهر الذي لم يحُزْ الترخيص، وأُخبِـــر الداعــون له بالمنع من الجهات المختصة يوم الجمعة 26/6/2020، وهو ما يعتبر إصرارا على خرق القانون، واعتبارا للظروف الاستثنائية التي تمر منها البلاد، وتفاديا لانتشار الوباء، وحفاظا على الأمن العام، لا سيما وامتحانات الباكالوريا على الأبواب.
إن المتتبع لهذه القضية المفتعلة يسجل ما يلي:
ــــــــ كيف تحول ملتمس مراجعة واجب التمدرس للفئات المتضررة، وقد تُـفُـوعِــل معه بشكل إيجابي، إلى معركة “نضالية” تطلب رأس المؤسسات التعليمية الخصوصية؟
ــــــــ من يقف وراء استهداف قطاع التعليم الخاص يبرمج الوقفات ويرتب الخرجات الإعلامية؟
ـــــــ كيف يفسَّر وجود نفس الوجوه في الوقفات الاحتجاجية أمام أكثر من مؤسسة تعليمية، باسم أولياء تلاميذ هذه المدرسة؟ هل لهؤلاء أبناء يدرسون في كل هذه المدارس التي عرفت احتجاجات في مدينة بني ملال مثلا؟
ـــــــ هل الحوار وسيلة لتدارس النقط الخلافية بين الطرفين في محاولة للتوصل إلى حل يتوافق عليه الطرفان، أم هو ابتزاز للمؤسسات، وتهديد بالاحتجاج والتشهير بها كما توثقه تسجيلات صوتية لمن يعتبرون أنفسهم مدافعين عن الفئات المتضررة من الجائحة؟
أسئلة وغيرها كثير يؤكد أن هذه الاحتجاجات غير بريئة، وأنها الشجرة التي تتوارى خلفها غابة ستتكشف مقاصد من وراءها.
المراسل التربوي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المثمر
زر الذهاب إلى الأعلى